في دردشة مع فؤاد الخوري (1952) المكرَّم ضمن «مهرجان فوتوميد»، أعادنا الفنان اللبناني إلى جوهر التصوير الفوتوغرافي، والعلاقة بالزمن، واللقطة بحد ذاتها، وعملية «التقاط» اللحظة، كأنّنا به يمحو الحدود بين الواقع والخيال، فلا نعرف أكانت ذكرياته حقيقية أم لا. على أي حال، ما أهمية ذلك؟ينتمي الخوري إلى الجيل الذي سبق التكنولوجيا الرقمية والتصوير الرقمي. حتى اليوم، ما زال يعتمد أسلوب التصوير القديم. يأسف ــ من دون حنين ـــ على هذا الانفصال عن حقبة مضت. هو بعيد جداً عن الجيل الرقمي الذي «لا يعرف معنى الانتظار: انتظار تحميض الصورة في المختبر وطباعتها».

يُظهّر فؤاد الخوري دوماً صوره بنفسه. منذ البداية، كان يدرك أنّه لا بد من معنى، قيمة مُضافَة إلى كل واحدة من صوره لئلا تتأثر بمرور الوقت. هذا ما يظهر لنا من خلال تعليق نشره تحت إحدى صوره عام 1982، حين كان يفكر في مغادرة لبنان نهائياً. يحكي لنا: «بعد اجتياح بيروت عام 1982، وخروج حركة «فتح»، خفت من هيمنة «الكتائب»، الذين بدا عليهم أنّهم يريدون تطهير لبنان من الفلسطينيين واليساريين أو ربما أيضاً من المسلمين. اليوم، بعد هذه الفترة الفاصلة التي ساعدتني على إدراك الأمور، أرى أنّ القوى المختلفة التي تقاتلت، كانت غبية. كلهم متشابهون وعلى القدر نفسه من السوء، وأنا وقعت في الفخ».
لمَ هذا الغوص في أرشيف حقبة كان فيها في عمر الجيل الذي يشارك في المهرجان؟ يجيبنا الخوري: «لا أصمّم معارضي وفقاً للآخرين. لم أعرف حيثيات المعرض. شخصياً، لا أحب التصنيف بحسب البلدان ولا التمييز على أساس الديانة أو أي انتماء هوياتي». في هذا المعرض الذي يضم أعمالاً لم تعرض له سابقاً، هل يتعرف الخوري إلى الشخص الذي كانه؟ يجيب: «طُلِب مني أن أقدم عملاً عن لبنان. وهذا لا يعني لي شيئاً. اختفت كل ذكرياتي عن لبنان كما عرفته حتى التسعينيات. بالنسبة إلي، التنزه في بيروت يعني التنزه في مدينة ليست بغريبة عني، لكنّها انتُزعت مني بعد إعادة الإعمار. للمعرض، اخترت الصور وكتبت حبكة مزجت بين الحقب والبلدان».