القدس | يبدو أنّ شاشة «الجزيرة» ضاقت ذرعاً بخريطة فلسطين. هذا على الأقل ما بيّنته صورةٌ تشاركها روّاد فايسبوك وتويتر قبل أيّام تظهر لقطة من بثّ «الجزيرة» تحتوي على وجه قائد «ألوية الفرقان» محمد الخطيب، متحدثاً عبر «سكايب» من الحدود السورية ـــ الأردنية، وإلى يسار الشاشة خريطة يحتل فيها اسم «إسرائيل» مكان فلسطين! هذه ليست المرّة الأولى التي تحذف فيها الفضائية القطرية اسم فلسطين المحتلة عن الخريطة وتستبدله بـ«إسرائيل»، فما العجب في الأمر إذاً؟
استنكار واستهجان روّاد مواقع التواصل الاجتماعي جاءا من المفارقة الفاقعة للصورة. لاءم هذا الشكل مضمون مداخلة الخطيب التي تناولت المعارك الدائرة في القنيطرة (قرب الجولان المحتل) وأكد خلالها أنّه «ليس لدينا أي عمل تجاه إسرائيل، هدفنا هو بشّار الأسد ومن يسانده». ها هو رجل يبدو كأنّه خارج من معركة للتوّ يتحدث عن «الجهاد» و«تحرير سوريا»، وعلى مقربة من وجهه يلوح اسم مَن نفترص أنّه عدوّه الأوّل!
التعليقات على حذف اسم فلسطين تنوّعت بين مَن شبّه المحطة القطرية بالتلفزيون الحكومي «الذي يُجاري سياسة دولته الخارجية» التي باتت تُغازل تل أبيب علناً، وبين من لم يُدهشه هذا التصرّف. تعاطي البعض بطبيعية مع الموضوع أتى، فيما أصبح الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي ضيفاً (شبه دائم) على نشراتها الإخبارية. هناك من استعاد أيضاً سوابق «الجزيرة» في تشويه خريطة فلسطين، لعلّ أبرزها كان خلال دورة الألعاب العربية عام 2011 التي أُقيمت في قطر. يومها، وأثناء دخول الوفد الرياضي الفلسطيني إلى الملعب، عرضت القناة خريطة للضفة الغربية وقطاع غزة باعتبارهما «دولة فلسطين».
حملة الاستنكار على تصرف «الجزيرة» لم تغفل أيضاً تغطيتها الباهتة للتظاهرات التركية. بعد السقوط المدوّي للقناة مع هبوب رياح «الربيع العربي» على المنطقة ونشر مجلة «لو ماغ» الفرنسية الشهر الماضي خبراً عن تراجع عدد مشاهديها من 43 مليون إلى ستة ملايين، لا تزال المحطة القطرية ماضية في سياسة التشويه. تشويه للمعلومات وفبركة للخرائط وفق اعتبارات تمليها التحالفات السياسية للحكومة القطرية، في الوقت الذي يبحث فيه المشاهد اليوم عن خبر منقول بـ«أمانة» على الأقل، وعن قناة إخبارية لا تُطبّع وعيهم مع العدو.



«خيانة موصوفة»

في كانون الأوّل (ديسمبر) 2011، أثارت قطر غضب الكثير من العرب، وخصوصاً الفلسطينيين، ببترها لخريطة فلسطين واقتصارها على الضفة الغربية وقطاع غزّة (حوالى 20 في المئة من الخريطة الكاملة فقط) أثناء افتتاح دورة الألعاب العربية الثانية عشرة التي استضافتها. رأى المتابعون في هذه الخطوة اعترافاً صريحاً بالكيان الغاصب، وتنفيذاً لمخطط أميركا في الشرق الأوسط، فيما ذهب آخرون إلى اتهام قطر مباشرة بالمشاركة في تقسيم المنطقة، معتبرين ما أقدمت عليه «خيانة موصوفة» تهدّد الوحدة العربية. كما لفت يومها أحدهم إلى أنّ موقع «الجزيرة» الإخباري حذف جميع التعليقات (المؤيدة والمستنكرة) المتعلقة بالحدث.