رام الله | منذ اللحظة الأولى، منحت «الميادين» القضية الفلسطينية مرتبة متقدمة على أجندتها، آخذةً في الاعتبار القاعدة الراسخة: «فلسطين هي البوصلة». الشواهد على ذلك كثيرة: تغطيتها للحرب على غزة 2012، متميّزةً على زميلاتها بمستويات عدة مثل ساعات البث، والحوارات، ومتابعة الإعلام الإسرائيلي، والأهم هو استخدام المصطلحات. لجأت المحطة اليافعة إلى مصطلح «العدوان» لتوصيف الهجوم الإسرائيلي، بينما استخدمت غيرها من القنوات العربية مصطلحات كـ «الحملة» أو «العملية الإسرائيلية». لم يكن حضور القضية الفلسطينية على «الميادين» موسميّاً. خُصِّصت برامج أسبوعية لفلسطين، وهي حاضرة أيضاً في مختلف برامج المحطة (الثقافية وغيرها) وبين فواصل البرامج والنشرات، كما أنها تملك مكتباً في فلسطين ومراسلين موزعين على أكثر من مدينة. أستاذة الإعلام في «جامعة بيرزيت» وداد البرغوثي ترى أنّ «الميادين» نجحت في تقديم نفسها إلى المشاهد الفلسطيني تزامناً مع تهاوي قنوات أخرى. تضيف لـ «الأخبار» أنّ «التغطية المتوازنة والمنحازة للحقيقة دائماً ولقضايا الشعوب، أعطت بعداً آخر في فهم الجمهور الفلسطيني لمصطلح الموضوعية، وأثبتت كيف يمكن للقناة أن تكون موضوعية ومنحازة إلى الحقيقة من دون استضافة الطرف الإسرائيلي».
وأقرّت البرغوثي بأنّ «القضية الفلسطينية لم تحصل على حقها الإعلامي في تغطية قضاياها كما حصلت عليها من «الميادين»»، مستشهدةً بالتغطية الخاصة لقضية القدس في منتصف أيار (مايو) الماضي. الطالب في كلية الإعلام في «جامعة بيرزيت» معاذ طليب تابع المحطة على مدار أربعة أشهر، وقدّم دراسة بحثية عنها. يقول لـ«الأخبار» إنّ «الميادين» استطاعت «استقطاب الجمهور الفلسطيني.
إلى جانب اعتبارها فلسطين قضيتها المركزية، ترى القناة في الشعب الفلسطيني في الداخل والمخيمات شعباً واحداً، كما تهتم بملف الأسرى اهتماماً خاصاً».
لكن ما الذي ميّز برامج «الميادين» عن غيرها من القنوات المهتمة بالشأن الفلسطيني؟ يؤكّد طليب أنّها «مدت جسور الحوار والمعرفة، مستفيدة من تقنيات الإعلام الحديث والبديل بتشبيكه مع الإعلام المرئي، ليكون الخطاب ملائماً لجميع الأعمار والثقافات». واستشهد ببرنامج «خلف الجدار» (السبت ــ 23:00) الذي تقدّمه لانا مدوّر. علماً أن الإعلامية الشابة ستطعم برنامجها بفقرات معرفية وستعتمد أسلوباً حيوياً يشبهها كما تقول لـ «الأخبار». هذا، فضلاً عن قسم مختص بالشؤون الإسرائيلية بإشراف عباس إسماعيل، ومدير مكتبها في رام الله ناصر اللحام.
ولعلّ هذا ما دفع الكيان العبري إلى وصفها بـ«قناة حزب الله الثانية». ويلفت طليب إلى تخصيص القناة الدائم نافذة تطل بها على فلسطين في نشراتها الإخبارية، فضلاً عن البرامج الثقافية والسياسية والاقتصادية قبل أن يستدرك: «انحياز «الميادين» للنظام السوري قد يكون سبباً في عزوف كثيرين عن متابعتها، لكنّ ذلك لا يمنعنا من متابعة فضائية مهتمة بالشأن الفلسطيني».
جاءت ولادة «الميادين» في فترة حساسة ضجّت بالثورات، فأثرت ربما عليها. لكنّ الأكيد أنّها أدت (وما زالت) دوراً كبيراً في إعادة الروح إلى القضية الفلسطينية في الفضاء العربي!