من يحمي المواطن في هذا البلد؟ من يحمي الزوجة من زوج يعتدي عليها بالضرب ويحرمها رؤية أولادها؟ هل يجوز تغيير الحقائق انطلاقاً من مبدأ أنّ الأقوى هو دائماً على حق؟ حالة الطوارئ والتأهب التي فرضت على فريق برنامج «عالأكيد» أمس كانت التزاماً بقرار قاضي الأمور المستعجلة الذي أمر بعد ظهر الاثنين بإيقاف الفقرة المتعلّقة بـ«قضيّة زنا وعلاقة زوجيّة مضطربة بين زوجين بوجود عشيقة للزوج وزوج للعشيقة». هذا بالضبط ما ورد في البيان الترويجي لقناة «المستقبل» عن الفقرة التي أوقفت وجرى استبدالها بأخرى علّها تكون محصّنة ضد المشاكل والدعاوى القضائيّة. وعلمت «الأخبار» أن ثمة ضغوطاً مورست على إدارة القناة لمحاولة حذف الفقرة، قبل صدور القرار القضائي.
هكذا، قبل ساعات قليلة من موعد عرض حلقة «عالأكيد» مع زافين قيومجيان على شاشة «المستقبل» (الاثنين 20:30)، أُبلغ فريق البرنامج قرار قاضي الأمور المستعجلة في بيروت زلفا الحسن الذي قضى بعدم عرض الفقرة المتعلقة بالسيدة نزهة جعجع التي قصدت استوديو البرنامج مع والدها إميل جعجع، لا لتكشف خيانة زوجها فحسب، بل لتحرّر نفسها أيضاً من قيود الرابطة الزوجيّة وتستعيد ابنتيها منه. هذه القضية طرحتها السيدة، لكنّ الغموض يحيط بالملف.
إذاً، تحوّلت القصة التي صاغها زافين في حلقة البرنامج التي بثت في الأول من نسيان (أبريل) على شكل تمثيليّة لتكون (كذبة أول نيسان) إلى واقع. يومها دخلت امرأة إلى استوديو البرنامج تشكو خيانة زوجها، ثم اكتشف المشاهدون أنها ليست سوى كذبة أول نيسان. لكن هذه المرة حصل أمر مشابه عندما وصلت جعجع إلى استوديو البرنامج مباشرة من المخفر، حيث أثبت واقعة الضرب والتعنيف التي تعرضت لها من زوجها، لافتة إلى أنّ الأخير حرمها رؤية ابنتيها مدة أسبوعين ثم طردها من المنزل. يعلّق زافين لـ«الأخبار»: «ليس لدينا الوقت للمراجعة وتقديم الدفوع إلى القاضي والمطالبة بإعادة الفقرة إلى مكانها، لذا لجأنا إلى استبدالها بأخرى على أن نراجع بها لاحقاً». ويشدد زافين على «أننا لم نتطرق إلى الأمور الشخصيّة في الفقرة، بل إلى الضرب وحرمان المرأة من حقها الطبيعي في رؤية ابنتيها، وإحداهما لا تتجاوز ستة أشهر»، فيما يؤكد مصدر آخر في البرنامج لـ«الأخبار: «لم نكن مهتمين بواقعة الخيانة. ركزنا على الضرب والتعنيف وحرمان المرأة من ابنتيها، وقد عرضت صور تظهر كدمات على وجهها، ووضعت طوقاً على رقبتها إثر إصابتها بنزيف كاد يودي بحياتها». ويفصح إميل جعجع (والد الضحيّة) عن أنّ معاناة ابنته مضى عليها ثلاث سنوات، وكانت تضرب باستمرار، ما اقتضى نقلها إلى المستشفى مراراً. ويضيف «أقنعها عمّها (والد زوجها) بعدم إخبارنا بما يجري، حفاظاً على عائلتها ولمنع توسيع الخلاف، حتى وصلت مرّة وكانت الكدمات ظاهرة على وجهها وجسمها، فأخبرت والدتها وشقيقاتها، ولم أعلم بالأمر إلا متأخّراً». يستطرد جعجع فيقول «تعرضت ابنتي لمحاولة قتل من زوجها. ضربت مرات عدة، وتقرير الطبيب الشرعي يثبت الواقعة، والنتيجة أن الجاني اعتقل أربعة أيّام فقط، وهذا ما جعلنا نلجأ إلى الإعلام للمطالبة بحقنا».
اعتاد زافين أن يوقف برنامجه عندما يتعرض لمسائل سياسيّة حسّاسة، وها هو اليوم القضاء يلغي فقرة من برنامجه أمس. لكن هل هناك تبعات أكثر من ذلك؟ يجيب: «أتلقى اتصالات أسبوعيّة تهدّدني بسبب فقرات البرنامج وكشفه المستور».