تونس | التقى أعضاء «الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري» الجديدة في تونس أخيراً برئيس «المجلس الوطني التأسيسي» مصطفى بن جعفر، وأطلعوه على مشاكلهم وعلى رأسها عدم وجود مقر للهيئة وعدم إقرار ميزانية خاصة بها للحفاظ على استقلاليتها. هذا اللقاء تزامن مع قرار الحكومة بخفض تعرفة البث الإذاعي على موجات الـ«أف. أم»، ما استبشر المهنيون به خيراً واعتبروا القرار دعماً للإذاعات الجديدة التي لا تملك مداخيل كبيرة في الإعلان.
لكنّ أغلب الناشطين في القطاع الإعلامي اعتبروا أنّ قرار الحكومة بخفض التعرفة من دون استشارة الهيئة رغم أنّ القرار يندرج ضمن صلاحياتها الأساسية، يدل على أنّ هذه الحكومة لا تنوي التعامل مع الهيئة على أنّها الجهة الوحيدة المخوّلة إبداء الرأي والاقتراح والقرار في كل ما يتعلق بالإعلام السمعي البصري. علماً أنّ «الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري» (مؤلفة من تسعة أعضاء) التي لطالما ناضل الصحافيون لإنشائها ولدت رسمياً في بداية الشهر الحالي بعد مخاض دام عام ونصف العام. وقد اختير النوري اللجمي رئيساً للهيئة بعد تداول أسماء عدة من بينها كمال العبيدي، وزياد الهاني، كما قدمت «النقابة الوطنية للصحافيين» مرشّحيها وهم ناجي البغوري، وهشام السنوسي ورشيدة النيفر التي ترأست «جمعية الصحافيين» بداية الثمانينيات قبل أن تلتحق بالجامعة لتدريس القانون. وكان البغوري، النقيب السابق للصحافيين، أُبعد عقب اعتراض «حركة النهضة» عليه، قبل التوافق على النوري اللجمي الذي لم تعرف له مواقف دفاع عن استقلالية الصحافة في العهد السابق.
ستواجه الهيئة مجموعة من الملفات الساخنة، أبرزها الاحتقان الذي تعيشه «مؤسسة الإذاعة التونسية» التي تضم آلاف العاملين بسبب ما اعتبرته نقابة الإذاعة «تعسف الإدارة وتدخلها في الخط التحريري بما يمس باستقلالية الإذاعة». وقبل أيام، تجمّع العمّال داخل المؤسسة وخارجها لإثارة انتباه الرأي العام على حقيقة ما تعيشه الإذاعة الأعرق والأكبر بين المؤسسات الإعلامية في ظلّ تجاوزات المدير العام محمد المؤدب، وفق ما أعلنته النقابة. وكان المؤدب قد اتخذ إجراءات عقابية ضد عدد من العمال والمسؤولين الإداريين والصحافيين مثل منذر الجبنياني وهو صحافي أوّل في الإذاعة.
وفي إطار التوتّر الذي يشهده القطاع الإعلامي في تونس، أعلنت عائلة المدير السابق لـ«مؤسسة التلفزة التونسية» محمد الفهري شلبي عن دخوله في إضراب عن الطعام بسبب استمرار توقيفه من دون محاكمة، ولا تحديد موعد لها، وهو ما اعتبره الحقوقيون «انتهاكاً للقانون» الذي يضبط الحجز بمدة محددة تجاوزها شلبي وأغلب من أوقفوا على خلفية قضية شركة «كاكتوس» (الأخبار 8/4/2013). ومن بين التحديات التي ستواجهها الهيئة الوليدة أيضاً ملفّات تتعلق بأوضاع الإذاعات الخاصة التي يواجه أغلبها صعوبات مالية كبيرة بسبب غياب الدعم الحكومي، إضافة إلى محدودية الإعلانات، فضلاً عن موضوع الفضائيات الخاصة التي توقف بعضها عن البث.