غزّة | حالما تدقّ الساعة التاسعة مساءً في فلسطين، يسارع أهل غزة إلى شاشة mbc لمتابعة المشترك الفلسطيني محمد عساف في برنامج «أراب آيدول». عسّاف الذي ولد في مدينة خان يونس (غزة) في العاشر من أيلول (سبتمبر) عام 1989، كان أول ظهور له عندما اعتلى المسرح في الخامسة من عمره، وعرفه الغزيون من خلال أغانيه الوطنية، وخصوصاً «علِّ الكوفية». بدأ الشاب مرحلة جديدة من النجومية الواسعة حين تمكّن بصعوبة من اجتياز معبر رفح البري والوصول إلى مصر للالتحاق بـ«أراب آيدول». كان عساف المشترك الأخير في البرنامج، فتقدّم إلى تجارب الأداء ونجح في إقناع لجنة التحكيم بموهبته، إلى أن وصل إلى مراحل متقدمة وانتقل إلى بيروت، حيث يصوّر «أراب آيدول» ويحتل رقماً صعباً بين المتنافسين.مقاهي قطاع غزة وفنادقها أعدّت شاشات لمتابعة «أراب آيدول» حبّاً وتشجيعاً لعساف. وكل ليلة جمعة، تبدو شوارع غزة خالية من المارة، فالكل ينتظر ظهور عساف الذي يرى فيه الفلسطينيون وجهاً آخر للحياة بعيداً عن معاناة القطاع. كمال أبو ناصر أحد أصدقاء عساف المقرّبين يقول لـ«الأخبار» إنّ «أداء صديقه مشرّف، وهو من أجمل الأصوات في البرنامج. أنا معتاد سماع صوت عساف الذي يذكّرنا بأصوات العمالقة مثل وديع الصافي، وعبد الحليم حافظ». أما الطالبة الجامعية وفاء جمعة، فترى أنّ عساف نمّى الحسّ الوطني لدى الفلسطينيين من خلال صوته، وأوصل القضية إلى العالم من خلال أغانيه.
استطاع الشاب أن يحوّل برنامجاً للمواهب إلى مهرجان فلسطيني، إلا أنّ بعض رجال الدين في قطاع غزة هاجموا عساف، لأن الموسيقى برأيهم «حرام وإسفاف ماجن»! لكنّ هذا الجدل لم يستمر طويلاً. رئيس «ملتقى التواصل العالمي» عصام الشوّا قال لـ«الأخبار» إنّ عساف خرج من عباءة التراث الفلسطيني ليتزيّن بجمال الفن العربي، فالشاب غنّى للبنان وبيروت في الحلقات الأخيرة. برأي الشوّا، فإنّ عساف لا يحتاج الى الدعم الفلسطيني فقط، بل إلى وقفة عربية مشرّفة حتى يصل إلى لقب «محبوب العرب». غزة التي كانت خبراً عاجلاً على الشاشات بسبب همجية الاحتلال، باتت اليوم عنواناً للفن الذي يقدّمه عساف. تقول انتصار (45 عاماً) والدة محمد عساف إنّها تدعم ابنها منذ طفولته، وهي من أوائل المعجبين بصوته. تلفت إلى أنّه في الماضي لم تتوافر الفرصة لمحمد كي يبرز موهبته، لكن اليوم أصبح حديث الوطن العربي. أما والده جبر عسّاف (51 عاماً)، فقد كشف أنه عانى كثيراً في إخراج ابنه من قطاع غزة ليصل الى الأراضي المصرية، مؤكداً أنّ عساف انتصر بوصوله إلى مراحل متقدمة من «أراب آيدول» وانخراطه مع الفنانين. وقد أنشأت مجموعة من الفلسطينيين صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، لدعم عساف وحشد المؤيّدين له. كذلك، تزينت شوارع غزة بصور الشاب، وطبعت آلاف «البوسترات» وعلّقت على واجهات المحالّ، داعيةً إلى التصويت لسفير فلسطين في «أراب آيدول»!