الـ«أكشن» الجزائري ما زال مستمراً! الخط الأحمر الذي وضعته السلطة أمام تعاطي الإعلام مع الحالة الصحية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة (الأخبار 21/5/2013) طال أخيراً الصحافي إسماعيل طلاي. حوار عن «الصحة الرئاسية» أجراه الصحافي الجزائري الذي يعمل في صحيفة «العرب» القطرية، كان كافياً ليثير زوبعة سياسيّة وإعلامية وجدلاً لا ينتهي في بلد المليون شهيد. خلال زيارته الدوحة، أجرى طلاي مقابلة مع المغني الفرنسي المولود في الجزائر إنريكو ماسياس (1938) ونشرها في صحيفة «العرب».
المفاجأة كانت أنّ ماسياس زار الرئيس بوتفليقة في مستشفاه الباريسي وقال لطلاي إنّه «مريض جداً ولا يقوى على الكلام». سبق صحافي تحوّل إلى «قنبلة إعلامية» جعلت ماسياس ومحاميه يسارعان إلى تكذيب نص الحوار، قبل أن يتّهما طلاي بعدم فهم اللغة الفرنسية!
بعد ساعات على نشر الحوار في الجريدة القطرية في 20 أيّار (مايو) الحالي، تحرك ماسياس ومحاميه لنفي الخبر، وتناقلت صحف جزائرية ووكالات أنباء أجنبية خبر «التكذيب» ونشرته على أوسع نطاق، بينما ظل طلاي يتمسك بصدقية حواره، مؤكداً أنّه يملك الدليل السمعي لنص المقابلة.
وفي وقت كانت فيه صحف عدة قد حسمت أمرها لنشر «تكذيب ماسياس»، تحركت السفارة الجزائرية في الدوحة وبعثت ببرقية «عاجلة» إلى صحيفة «العرب» تطلب فيها نشر نفي المغني الفرنسي لما ورد في نص الحوار. لكن رغم نشرها بيان السفارة، إلا أنّ الصحيفة ساندت طلاي وأكدت أنّ نشرها النفي لا يعني موافقتها على مضمون الخبر، مبديةً ثقتها بمهنية الصحافي، وصدقية التسجيل الذي بحوزته، وأنّ الحوار «عمل صحافي لا يحمل أي نوايا مبيّتة»، كما جاء في بيان السفارة.
وأخيراً، قرر الزميل طلاي كشف النقاب عن التسجيل الصوتي عبر صفحته الخاصة على فايسبوك، وتناقله المئات في ساعات قليلة، كما انهالت التعليقات المؤيدة له من أهل المهنة ومن سياسيين موالين ومعارضين.
وأكّد طلاي لـ«الأخبار» «أعتقد أنّني تصرفت بمهنية واحترافية، وأي صحافي لم يكن ليرفض نشر سبق صحافي مماثل»، مضيفاً: «أنا لست طرفاً في القضية، وما قمت به عمل يطمح إليه أي صحافي يبحث عن المعلومة، ولا يعقل أن يشكّك البعض بنوايا الحوار أو يعتبروا أنّه موجّه ضد شخص الرئيس الذي أتمنى له خالص الشفاء». واستطرد طلاي قائلاً إنّه «بعدما كذّب ماسياس صحة الحديث، اضطررت إلى نشر التسجيل للتأكيد على صدقيتي». وهنا، لا بد من الإشارة إلى أنّ ماسياس معروف بتأييده المطلق لإسرائيل، وخصوصاً أنّه قاد مراراً حملات تبرّع لها، ليتسلّم بعدها شهادة «ماغاف القدس» التي تُمنح للأشخاص الذين قدّموا للكيان العبري «خدمات جليلة». وقد حاول عبثاً زيارة الجزائر، وآخرها حين أعرب عن أسفه لأنّ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لم يدْعُه لمرافقته خلال زيارته الجزائر في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. يومها، تجنّدت وسائل الإعلام والجمعيات المدنية ضد زيارته التي اعتبرتها «شكلاً من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني». (الأخبار 23/1/2013).