عادت «المسيرة» إلى كنف «القوات اللبنانية». المجلة التي تمرّدت على قيادة معراب من خلال رئيسة تحريرها السابقة فيفيان داغر التي رفضت تسليمها لسمير جعجع عند خروجه من السجن عام 2005، أصبحت اليوم البوق الأول للحزب وتابعة للدائرة الاعلامية القواتية. اليوم، تسلم الدفة الصحافي في جريدة «الجمهورية» أمجد اسكندر بدلاً من داغر. في الطابق الثاني من أحد أبنية منطقة أدونيس الكسروانية الذي يضمّ مكتب موقع «القوات» الالكتروني، يقع مكتب «المسيرة» أيضاً.
المكان قديم والجدران تفتقر إلى الطلاء، والمقاعد حديدية. كل شيء يوحي بأنّ الزمن توقّف يوم دخل سمير جعجع إلى السجن. لا ينفكّ اسكندر يردّد أمام زائريه أن عمليات التأهيل ستبدأ. اضافة الى تغيير الحلّة الادارية، ستشوب «المسيرة» عمليات تأهيل لصفحاتها وأبوابها. ستُقسم إلى شقين: سياسي وقواتي، وستتطرق إلى مواضيع اقتصادية واجتماعية وثقافية. يضمّ الشق الأول تحقيقات ومقالات سياسية، والاحداث اليومية. أما الشقّ القواتي، فهو ركيزة المجلة ستبني عليه «مجدها». مطلوب لهذا القسم أناس يتنفّسون الهواء القواتي وتسري القضية في دمائهم. أما ولاؤهم فمعرابي طبعاً. يعبّر هذا القسم عن صوت «القوات» الذي كبتته الادارة السابقة. وستحلّ «المسيرة» مكان الموقع الالكتروني في الردّ على أي خبر يطال «القوات».
لا تيأس الدائرة الاعلامية في الحزب من الردّ على المقالات التي تستعيد الحرب اللبنانية ودور «القوات» فيها، طالبةً (الدائرة) من الصحافيين «تخطّي تلك المرحلة التي لم يسلم منها أحد»، أو على الاقل «ولوج التاريخ من الباب الصحيح»، أيّ بابها. ولهذا الهدف، ستستحدث المجلة خانة مسمّاة «كنّا هناك» تروي «حكايات أناس شاركوا في المعارك واعتقلوا وتستذكر الشهداء وتضيء على النضالات» على حد تعبير أمجد اسكندر لـ«الأخبار». لكن ما لم يقله اسكندر لنا، عبّر عنه أمام طالبي التوظيف حين قال «شبعنا الحديث عن بشير الجميل ورفيق الحريري ورينيه معوض... لـ«القوات» شهداء يستحقون التذكير بهم وايفائهم حقهم». كما أنه مطلوب أشخاص يصبّون حقدهم على «حزب الله».قال اسكندر أمام الصحافيين الذين تقدّموا للعمل في المجلة: «نريد أسلوب جريدة «الأخبار»، لكن النفس يجب أن يكون قواتياً». هذا ما قاله لنا أيضاً: «تتحلّى صحيفتكم بحرفية معينة ومهنية، لا يمكن لأحد أن ينكرها ولو اختلف معها في الموقف السياسي، أيزعجكم أن نقلّدكم؟».
انطلاقة «المسيرة» بحلّتها الجديدة ستكون في حزيران (يونيو) المقبل. هي على موعد مع قرائها أسبوعياً، إذاً، تنغلق القوات من خلال «المسيرة» أكثر فأكثر، فهي تتوجه فقط الى جمهورها الصغير الذي حفظ عن ظهر قلب مواقفها، فإلى أي حد ستكون مؤثرة؟ وهل ستتمكن من الصمود في عالم حيث الركود يسيطر على الصحافة الورقية؟



العثرات المالية

تواجه الانطلاقة الجديدة لـ«المسيرة» (تأسست عام 1984) عراقيل مادية عدة. يقول أحد القواتيين الذين تقدّموا بطلب عمل في المؤسسة: «الواضح أنّها كجميع المؤسسات القواتية، لا تملك مبلغاً معيناً مرصوداً من أجل الانطلاقة». يفضّل رئيس تحرير المجلة أمجد اسكندر عدم التطرق الى الشق المادي والى موضوع الديون التي ورثها من المرحلة السابقة. يقول «هي صفحة وطُويت. الموضوع اليوم عند المحامين». أما العقبة الثانية، فهي الخوف الذي يختلج في الصحافيين من أن يؤثر «العمل في مجلة مسيّسة على مسيرتهم المهنية لاحقاً».