في مقابل «الربيع العربي»، فشلت حملات إسقاط النظام الطائفي في لبنان في تحقيق إنجاز، بل إنّ نواب الأمة يقترحون اليوم قانون انتخابات يكرّس الطائفية. لعلّ هذا الإفلاس والركود الذي أصاب الحركات الطلابية في لبنان هما اللذان دفعا رانيا ورائد رافعي إلى العودة إلى بيروت ١٩٧٤ في «٧٤ ـ استعادة لنضال». بين آذار (مارس) ونيسان (أبريل) ١٩٧٤، قام بعض طلاب «الجامعة الأميركية في بيروت» باحتلال مباني الجامعة احتجاجاً على ارتفاع رسوم التسجيل. يومها، كانت الاحتجاجات تعمّ البلاد، وكانت التظاهرات تنطلق من حرم الجامعات إلى الشوارع. فترة شهدت نشاطاً طلابياً متأثراً بحركة الطلاب في فرنسا الـ ٦٨، وربيع براغ، وتفاعل الساحة اللبنانية مع «منظمة التحرير الفلسطينية». هكذا، احتلّ الطلاب حرم الجامعة، ما استدعى تدخّل الجيش، واعتقال الطلاب. مشهد يختتم به المخرجان «٧٤ ــ استعادة لنضال». خلال بحثهما، عاد رائد ورانيا إلى الوثائق المتوافرة حول تلك الاحتجاجات من صور وأفلام ومقالات. أجريا لقاءات مع أناس شاركوا في احتلال الجامعة. لكن قرارهما كان بعدم إنتاج وثائقي تقليدي يعيد جمع مواد الأرشيف في رؤية إخراجية، بل استعادة تلك الحقبة مع شباب ناشط سياسياً اليوم. هكذا عملا مع نسيم عرابي، ونزار سليمان، وريتا هدرج، وأسعد ذبيان، ويسري الشامي، وساندرا نجيم، ومعروف مولود. خيار «الواقعية الجديدة» بعدم العمل مع ممثلين لإعادة تمثيل الحادثة، إنما مع نشطاء سياسيين فعليين، خدم الفكرة العامة للطرح الفني، لكنه أوقع الفيلم في لحظات فراغ بعدما عجزت الشخصيات عن ملء الصمت السينمائي بحضور دينامكي، أو حتى ضعف بعض المشاهد الحواريّة المرتجلة.
تدور الأحداث في غرفة واحدة، هي مكتب رئيس الجامعة المحتل حيث يعيش، وينام، ويجتمع أعضاء مجلس الطلبة. نرافقهم على مدى ٣٧ يوماً من التخطيط والنقاشات. أيام لن تخلو من سهرات فرح ورقص وسكر «ملتزم» على أغنيات الشيخ إمام، وسيّد درويش. لن تخرج الكاميرا (تصوير نديم صوما) خارج الغرفة، بل سنتابع تطور الأمور في الخارج من خلال نقاشات أعضاء المجلس. خيار يضفي بعداً مسرحياً على الفيلم في انحصار المكان بغرفة واحدة. تلك الصفة المسرحية أكّدها المخرجان عند اللجوء إلى صيغة أخرى طوال الفيلم: يظهر الممثلون في لقطات فردية، يتكلمون فيها إلى الكاميرا. لحظات بريختيّة. مشاهد تختلط فيها العناصر. تلك الضبابية في الزمان والمكان، وتحديد الشخصيات، تبقى أقوى عناصر «٧٤ ــ استعادة لنضال».