يبدو أنّ تعاطي النظام السوري لن يتغيّر على رغم مرور أكثر من سنتين على حمام الدم الذي كان هو المسؤول الأول عن جرّ البلاد إليه. بعدما أطلقت الذراع الأمنية سراح الممثلة زينة ظرّوف (راجع المقال)، اعتقلت النجمة المعارضة مي سكاف عند أحد الحواجز الأمنية في دمشق قبل أن يعاد إطلاق سراحها في حوالي العاشرة ليلاً وفق ما أفادت الناشطة لينا محمد في حديثها مع «الأخبار». وأضافت أنّ صديقتها اتصلت بها فور إطلاق سراحها بعد احتجازها في أحد الفروع الأمنية لساعات.
وكان المحامي والناشط السوري أنور البني أوّل مَن كشف خبر اعتقال سكاف حين ذكر تفاصيل القصة عبر صفحته الشخصية على الفايسبوك. وذكر أنّ «عناصر الأمن السوري اعتقلت ظهر اليوم (الأمس) سكاف أثناء عودتها إلى منزلها في مشروع دمر». وتابع محامي المعتقلين السوريين إنّ «اعتقال الفنانة الحرّة يؤكد أنّ السلطات السورية تسعى وراء خنق كل صوت ثقافي وسياسي «. أما التهمة التي وجِّهت لسكاف، فقد كانت جاهزة في سنين السلم وهي «وهن نفسية الأمة وإضعاف الشعور القومي». وقد يضاف عليها في سنين الحرب «التحريض على العنف والإرهاب».
منذ فترة والشائعات تلاحق مؤسِّسة «معهد تياترو للفنون»، وقد انتشرت أخبار عن نية النظام محاكمتها تحت قانون الإرهاب (الأخبار 30/8/2012). اللافت أنّ نجمة «العبابيد» التي سبق أن اعتُقلت لأربعة أيام عشية تنظيمها تظاهرة المثقفين الشهيرة في تموز (يوليو) 2011، لم تغادر دمشق لأنها تنوي البقاء في مدينتها مهما كلف الثمن. وفور انتشار خبر اعتقال سكاف، امتلأت صفحات الناشطين والفنانين المعارضين (هيثم حقي، يارا صبري، ريما فليحان، رولا ذبيان) بتعليقات طالبت بالإفراج عنها، ثم عادت لتهنئها بالسلامة وتنفي شائعة مقيتة روّجت لوفاتها. وسارعت قناة «العربية» إلى نقل خبر الاعتقال مقابل تعتيم من قنوات الإعلام الرسمي وحليفاته. وقال السيناريست السوري فؤاد حميرة لـ «الأخبار» بأنّ «هناك تضاداً وصراعاً بين نظام يخاف الكلمة والفكر، وبين أصحاب الكلمة والفكر. نظام يسيء إلى المثقفين، ويفلت شبيحته لإهانة الفكر والمفكرين، هو نظام فاقد للفكر وللثقافة».
هكذا أعطى النظام السوري في سياسته الغبية فرصة إضافية لشتمه من قبل معارضيه، وأعاد مي سكاف بشكل موفق إلى الأضواء!



فايز سارة والنظام «المجنون»

في حديثه مع «الأخبار»، شنّ الكاتب المعارض السوري فايز سارة هجوماً عنيفاً ضد النظام السوري، وقال: «يمثّل اعتقال مي سكاف وزينة ظرّوف جزءاً من النهج المجنون الذي يواصله النظام في تدمير سوريا والسوريين وسط أكاذيب متلاحقة». وتساءل: «هل إنّ مي سكاف وزينة ظرّوف من تلك الفئة التي يحاربها النظام؟ ترى أي نظام هذا الذي يعتقل مثلهما؟». وختم «إنّه النظام ذاته الذي يقتل أطفالاً ونساء، ويشرّد السوريين داخل البلاد وخارجها، ويجعلهم في حالة ومأساة لم يعيشوا مثلها منذ أن خلقت سوريا قبل سبعة الآف عام».