منذ بداية الحراك الشعبي في البلدان العربية، كانت «الجزيرة» الذراع الإعلامية المواكبة لهذه الانتفاضات. نجحت المحطة القطرية في التفوق على صوت الإعلام الرسمي في تونس ومصر واليمن وليبيا، حيث روّجت القناة للتدخّل العسكري وفتحت الهواء لتغطية مفتوحة، قبل أن تغيب ليبيا عن شاشتها في ظل حرب أهلية عنيفة تعيشها اليوم. قبلها، كان الحراك في سوريا قد بدأ. قيل الكثير عن حكّام المشيخة في قطر الذين أرادوا إجراء مساومات سياسية مع النظام السوري. ولما فشلت، أُعلنت عليه الحرب عبر «الجزيرة». هنا، استخدمت «قناة الدوحة» كل أنواع الأسلحة، ظناً منها أنّ سوريا شبيهة بنموذج تونس ومصر وليبيا. لكنّها على مدى أكثر من عامين، فشلت في تحقيق أي هدف غير الدعم والتجهيز الإعلامي للميليشيات المسلحة هناك. بعد هذا الفشل، انتقلت الى الخطة «ب» وهي اللعب على الوتر الطائفي بشكل مقزز لحشد تعاطف بدأت بخسارته.
ورغم إعلان «حزب الله» أنّه يدعم الإصلاحات التي يقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما لا يصب في أجندة «الجزيرة»، إلا أنّ التعميم التحريري للقناة كان يمنع عرض أي مشهد على الشاشة يظهر فيه حرق لعلم «حزب الله» من قبل «الثوار». مَن كسر هذه القاعدة كان مراسل القناة مازن ابراهيم (المدير التحريري للقناة في مكتب بيروت حالياً) حين قدّم تقريراً في أواخر 2011 عرض فيه للمرة الأولى صورة لـ«ثوار» في سوريا يحرقون علم «حزب الله»، وأقام مقارنة بين شعارات «حزب الله» في عاشوراء وشعارات التظاهرات في سوريا. بعدها، تبعه مقدم برنامج «الاتجاه المعاكس» الهزلي فيصل القاسم الذي يعشق الشتائم والسباب على الشاشة. وأثناء إطلالة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في 30 نيسان (أبريل) الماضي متحدثاً عن المعارك على الحدود الشرقية للبنان، بثت «الجزيرة» ترويجاً أو ما يُعرف بـ«برومو»، عارضةً ما سمته بطاقات لعناصر من الحزب وجدت في ريف القصير، وبعض المقتطفات لمراسلها الحربي هادي العبدالله يتحدث عن قصف «حزب الله» لمواقع «الثوار»، وختمتها بعبارة «التغطية مستمرة». كان ذلك إعلاناً رسمياً لبدء المعركة الإعلامية المباشرة ضد «حزب الله»، بدءاً من تحوير كلام نصر الله، وصولاً إلى التحريض ضد الحزب أول من أمس الأربعاء. جاء ذلك ضمن برنامج «بلا حدود» الذي قابل فيه الإعلامي المقرب من الإخوان أحمد منصور رئيس أركان «الجيش السوري الحر» اللواء سليم ادريس. تحدث الأخير عن آلاف المقاتلين من «حزب الله» الذين «يقتلون السوريين» وإلى ما هنالك من تحريض. وخلال فواصل الاستراحة، كانت «قناة الدوحة» تبثّ ترويجاً لبرنامج وثائقي عن «الجريمة السياسية»، وكانت الحلقة مخصّصة لمسيرة بشير الجميل واغتياله!