القاهرة | معركتان جديدتان في مواجهة السلفية والرقابة الدينية على الفن، شهدتهما مصر في يوم واحد. أوقفت «مديرية الثقافة الجماهيرية» في البحر الأحمر عرض مسرحية «ديوان البقر» بحجة مهاجمة سياسات التيارات الإسلامية، فيما شنت «الجبهة السلفية» هجوماً عنيفاً على «ساقية الصاوي» (مركز ثقافي) في القاهرة لتنظيمها حفلة راقصة، معتبرة ذلك «فحش مخالف لتعاليم الإسلام».
بعد ثلاثة أيام من بدء عرض مسرحية شنودة فتحي «ديوان البقر» في «مسرح قصر ثقافة الغردقة»، طالب مسؤولو «قصور الثقافة» من أجهزة الأمن إرسال قوة أمنية لحماية منشآت قصر الغردقة ووقف العرض، بعد اعتراض علني من حزب «الحرية والعدالة» وجماعة «الإخوان المسلمين». اعتبر هؤلاء أنّ في العمل انتقاد «غير مقبول» لسياستهم. وعلى الأثر، ومع احتشد عشرات المتضامنين مع منفذي العرض من أعضاء حزبي «الدستور» و«المصري الديمقراطي» و«حركة 6 إبريل»، قرر رئيس هيئة قصور الثقافة نقل العرض من الغردقة إلى مدينة سفاجا (جنوب الغردقة) في محاولة لـ«تفادي الصدام وتجنبًا للمشاكل» على حد قوله، الأمر الذي رفضه فريق العرض وأعلن تمسكه بحقه في استكمال عمله.
لم تنته تصريحات رئيس الهيئة هنا، لكنه راح يحلل المسألة طائفياً، إذ قال إنّ «المخرج وبعض المشاركين في العرض مسيحيون»، وهو ما أثار حفيظة بعض الإسلاميين. تصريحات المسؤول أثارت استنكار بعض المتابعين على الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الإجتماعي، متهمين إياه بـ«مسايرة التيارات الدينية»، معتبرين قرار نقل العرض «رضوخاً لأوامر رجال النظام الجديد». لم يكن نص «ديوان البقر» (سبق أن أخرجه الراحل كرم مطاوع)، أوّل العروض الممنوعة في محافظة البحر الأحمر. في مطلع نيسان (أبريل) الماضي، منعت أجهزة الأمن في مدينة سفاجا «رحلة حنظلة المسيري» للمخرج محمد حلمي الذي أكد أنّ قوات من الدفاع المدني ومباحث الشرطة منعت الحمهور من الدخول بحجة «عدم صلاحية المسرح أمنياً». خطوة أقدمت عليها القوى الأمنية قبل ساعات من بدء العرض الذي ينتقد «الإخوان» وإداراتهم للبلاد، علماً أنّ المسرح يستقبل العروض منذ عام 2000 ويحتوي على خمسة منافذ للهروب.
«الجبهة السلفية» شنّت أيضاً هجوماً على «ساقية الصاوي»، بعد احتفالها بـ«اليوم العالمي للرقص». يومها خصّت الساقية حفلةً موسيقية اقتصر حضورها على السيدات: مدرّبات رقص من الهند وأميركا اللاتينية قدمن فقرات من الرقص الشرقي والهيب هوب والصلصا والزومبا. المتحدث الرسمي باسم الجبهة السلفية خالد سعيد رأى في أولَ مهرجان للرقص في «ساقية الصاوي» بعد وصول الإخوان إلى الحكم «فحشاً يخالف تعاليم الإسلام، ولا يرضى عنه الله ورسوله». اتهام «الساقية» بنشر الفحشاء ليس جديداً، على الرغم من أنّ مالكها ومديرها هو محمد الصاوي، هو أحد المقربين من «الإخوان» والمرشح المحتمل لتولي حقيبة الثقافة في التعديل الوزاري المرتقب هذا الأسبوع. في أيلول (سبتمبر) الماضي، تقدم أحد محامي «الحرية والعدالة» ببلاغ إلى النيابة العامة يتهم فيه «الساقية» بتنظيم حفلة لـ«عبدة الشياطين» (الأخبار 5/9/2012)، في وصفه لحفل موسيقى «الميتال» الذي أقيم ضمن برنامج الحفلات الشهري.