كانت ليمونة مروان طحطح تملأ البهو السفلي لـ«مسرح المدينة»، وتحديداً «قاعة نهى الراضي» التي أرادتها سيّدة المكان نضال الأشقر تخليداً لذكرى الفنانة العراقية الراحلة. قد لا تكون ليمونة طحطح حصريّاً، لكنّ زميلنا صوّرها لتتصدّر ملصق البرنامج العربي في «ملتقى بيروت للرقص المعاصر» BIPOD. ثم جاءت الراقصة ميا حبيس، شريكة عمر راجح في قيادة هذه المغامرة الاستثنائيّة، فـ«كثّرتها» وصنعت بها تجهيزاً. هكذا كان علينا أن نتسلّل بين الليمونات المعلّقة في الفراغ، لنأخذ مكاننا فوق أحد المقاعد الخشبيّة المتقابلة، على ضفّتي درب افتراضيّة تفضي إلى شاشة العمق. نجلس، ونصغي إلى عمر راجح يتحدّث عن مسائل لها علاقة بالجسد والحاضرة، عند تقاطع الفضاءين العام والحميم، قبل أن يقدّم أعمال الدورة 9 من المهرجان الذي لم يكن يتصوّر مؤسس «مقامات» حين أطلقه عام ٢٠٠٤ أنّه سينمو بهذا الشكل، ويصبح مؤسسة لها شرعيّتها الإقليميّة والعالميّة، مسهماً بترسيخ الرقص المعاصر في التربة المحليّة. قد لا نجد على برنامج هذا العام أسماء مثل ساشا فالتز وأكرم خان وسيدي العربي الشرقاوي، لكنّنا على موعد مع تجارب مميّزة، معظمها يجنح نحو الحدود القصوى للرقص كما لفت راجح: الافتتاح مع «دموع صافية، مياه معكّرة» (تييري سميتس/ THOR ـــ بلجيكا: ١١ و١٢/٤)، تتلوه استعادة لعمل راجح مع «مقامات»، «ذلك الجزء من الجنة»، عن ترسّبات الحرب في اللاوعي الجماعي وقد اختار لعرضه تاريخاً رمزيّاً (١٣/٤). «يا إلهي ماذا فعلت؟» للفنزويلي النيويوركي ميغيل غوتييريز (١٦/٤ )، «الجذور» للفرنسي قادر عطو الآتي من الهيب هوب إلى الرقص المعاصر (١٨/٤)، «لست الوحيد» للإسبانيّة البرلينيّة كونستانزا مكراس (٢٠/٤)، «ندوة رخيصة وقطعة بقر» ثم «الرقص الناطق» للثنائي البريطاني جوناثان باروز وماتيو فارجيون (٢١/٤)، ومسك الختام مع «روسيا» للفرقة الكاتالونيّة/ الإسبانيّة «لافيرونال» بإدارة ماركوس موراو الآتي من المسرح ليمزج بين مفردات الرقص الكلاسيكي (بتصرّف) وأشكال الفرجة والأدب المختلفة (١٦/٤). «ماذا نفعل بأجسادنا؟ ـــ سأل الكوريغراف اللبناني ـــ وما هي خياراتنا سوى أن نكون ونشهد...؟». كشف عمر أن عمله الأخير الذي يعاد تقديمه في «الملتقى»، لن يشارك في مهرجان الرقص في كوريا، بسبب طغيان الحضور الإسرائيلي عليه. وفاجأ الحاضرين عندما أعلن أنّه بعد الدورة العاشرة العام المقبل، سيترك قيادة المهرجان لشخص آخر. كما لفت إلى أنّ «الملتقى العربي للرقص المعاصر» المنعقد للمرّة الثالثة، يعطي الصدارة هذا العام لضيوف آتين من مختلف أنحاء الجرح السوري في الداخل والشتات. تستضيف التظاهرة على مدى يومين في بيروت عروضاً يراوح طولها بين 5 و20 دقيقة. ونشير بينها إلى محطّة مميّزة مع المغربي توفيق عز ديو (١٥/٤)، إضافة إلى جوهرة اللبناني علي شحرور في حلّة جديدة مع ميا حبيس، وعنوانها «دنس، موت صغير، الحركة الأولى» (١٤/٤).



«مهرجان بيروت للرقص المعاصر»: من 11 حتى 28 نيسان (أبريل) ــ للاستعلام: 01/343834