إنّها حقاً مصادفة فريدة من نوعها. حين استفاقت «المؤسسة العامة للسينما» السورية فوزّعت منحاً لإنجاز أفلام شبابية قصيرة من بينها فيلم «رؤيا» لفارس الذهبي، كان الكاتب السوري قد أنهى كتابة نصين مسرحيين خلال الوقت الطويل الذي استغرقته المؤسسة للموافقة على شريطه. هكذا، صدر النصّان في كتاب يوقّعه ضمن «منمنمات: شهر لسوريا». النص الأول «زفرة السوري الأخيرة» يطرح قصة بعيدة نسبياً عن الأزمة السورية، يحكي العمل قصة ضابط بعثي عراقي يمثل نموذجاً لرجال الحكم المتسلطين في العراق أيام حكم البعث. بعد سقوط صدام، يهرب اثر إدراج اسمه ضمن قائمة المطلوبين لحوالي 121 دولة. لا يجد ملاذاً سوى دمشق «جنة البعث» بحسب تعبير الذهبي الذي يقول لـ«الأخبار»: «القصة متخيّلة لكنّها تستند في الكثير من مفاصلها إلى أحداث واقعية جرت في سوريا بعدما فتحت أبوابها لأزلام نظام البعث العراقي، فدخلوا وعاشوا في ربوعها». يلجأ الضابط إلى منزل رفيق سابق له في الحزب، فيجد أنه توفي لكنّ عائلته تستقبله بحفاوة.
مع مرور الوقت، يحاول تغيير قواعد اللعبة وفرض أسلوب حياة جديدة على عائلة صديقه التي تعيش انفتاحاً أخيراً بعد وصول أولادها إلى الجامعة. تكشف النقاشات الطويلة للجيل الجديد الذي يرمز إليه الابن البكر للعائلة حقيقة فكر البعث. عن هدف النص، يفصح الذهبي: «فضح فكرة توأمة نظامي البعث في سوريا والعراق. للأمانة، أهدي النص إلى ميشيل عفلق مؤسس حزب «البعث»، لأقول له انظر ماذا حدث في غيابك». ويلفت الذهبي إلى أن النص كتب مرة ثانية على طريقة الفيلم وسيصوّر قريباً.
أما النص الثاني، فهو «صهيل الحصان العالي»: مونودراما تقدم قراءة مختلفة لشخصية الجلاد لكن بخصوصية سورية. الجلاد ليس فقط الحاكم ورجل المخابرات، بل نحن هنا أمام شخص مدني يعيش ظروفاً مشابهة لأي سوري. ويبحث النص في كيفية تحوّله إلى جلاد يقتل أشقاءه السوريين، يشرح الذهبي: «أطرح قراءة مختلفة لشخصية الجلاد (الشبيح) من خلال مرجعياته والأسباب التي أوصلته إلى قتل شعبه». وعن خيار المونودراما وصعوبة تلقّف هذه العروض عند نسبة من الجمهور، يجيب: «تلك مسؤولية مَن سيخرج النص. من حقي أن أقدم خياري ككاتب وقد اخترت ترك المساحة الكافية لاعتراف طويل من شخصية الجلاد، ولن ينفع أن يشاركه فضاء الخشبة أحد بسبب كثافة التفاصيل». في عام واحد، أنجز الذهبي نصين مسرحيين انطلاقاً من الربيع العربي. يوقع نصيه مع أمله بأنّ ربيعاً ثقافياً سيزهر قريباً، لذلك «لا بد من إعادة إحياء المسرح كي يكون الجمهور على مسافة قريبة من العمل الفني».



توقيع نصين لفارس الذهبي: 8:30 مساء 19 نيسان