مثل كل سنة، كان لبنان على موعد أيضاً مع «معرض باريس للكتاب». وكما جرت العادة منذ عام 2009، الذي احتفلت فيه بيروت باختيارها «عاصمةً عالمية للكتاب»، عهدت وزارة الثقافة اللبنانية مسؤولية تنظيم مشاركة لبنان في فعاليات المعرض إلى منظمة «كتاب بلا حدود» التي يقودها سيريل حاجي توما، وتدير أيضاً موقع مكتبة «أنطوان» على الإنترنت Antoineonline.com. يقول سيريل حاجي توما لـ«الأخبار» إنّ «منظمتنا متخصصة في التوزيع الدولي للكتب الأجنبية على الإنترنت، إذ يباع يومياً 5 آلاف كتاب بالفرنسية والعربية والإنكليزية في الشرق الأوسط بشكل أساسي، بالإضافة إلى أميركا الشمالية وأوروبا. وقد جمعنا هذه السنة الدور اللبنانية في جناح واحد في المعرض»، على عكس ما كان يحصل قبل عام 2009 حين كانت كل دار تعرض كتبها في جناح خاص. ويشرح أنّ «الوزارة تتولى اختيار موقع الجناح والإعداد له، فيما نحن في «كتاب بلا حدود» نتولّى نقل الكتب، وتشغيل الجناح واستقبال التواقيع.

وبإمكان أي دار لبنانية أن تشارك مجاناً». هذه السنة، تمثّل العالم العربي والإسلامي في بعض دول المشرق والمغرب العربي وأفريقيا مع إصدارات عدة من الجزائر («حياتي مع أبي، مصالي الحاج» لجنينة مصالي بن قلفاط) والمغرب مع «خبز الغربان». رواية الحسين أزركي ترجمت من الأمازيغية، واستلهمت أحداثاً حقيقية حصلت في المغرب ومنطقة القبائل في السبعينيات والثمانينيات. ومن تونس، نقع على «أن تكون عربياً اليوم» و«الجندي المستعرب» لفيصل جلول، ومن موريتانيا، نقرأ كتاب «الهوس في العودة» لأمادو ديمبا با، إضافة إلى «هي تلعب» لنهال تجدد. الرواية الأخيرة عبارة عن حوار بين إيرانيتين: واحدة ولدت في حقبة الشاه (الكاتبة نهال تجدد)، وأخرى بعد الثورة (الممثلة الشهيرة گلشیفته فراهاني بطلة المخرج والكاتب الأفغاني عتيق رحيمي في روايته وفيلمه «صخرة الصبر»).
كانت لافتة هذه السنة مشاركة السعودية للمرّة الأولى. في الجناح المخصص للمملكة، يقول الفريق الثقافي في السفارة السعودية «نظراً لما يشكله هذا المعرض من أهمية على صعيد تمثيل الحركة العلمية والثقافية للمملكة في المحافل الدولية، جاءت مشاركة وزارة التعليم العالي بجناح ضخم لتقديم كتب ومؤلفات وإصدارات متنوعة باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية». رغم أن مشاركة الدول العربية في المعرض لا تزال ضعيفةً نسبياً، إلأ أنها تتزايد تدريجاً. بالطبع، شكّل هذا الحدث مساحة تلاقٍ ثقافي في الدرجة الأولى، ولكن كأي معرض آخر، هو أيضاً مكان لـ«البزنس».
اليوم، هناك توجّه عام لتوحيد الجهود الرامية إلى إنقاذ الكتب، فلمَ لا ننجز تبادلات استراتيجية في العالم العربي؟ لمَ لا نتكاتف حول الترويج للكتاب؟ اليوم، نادراً ما تحظى دور النشر بالوسائل الكفيلة بالترويج لكتّابها، كما أن أعمال الكتّاب المعاصرين لا ترد في المناهج المدرسية والجامعية. وللأسف، غالباً ما يجد الكاتب نفسه المروّج الوحيد أو «السمسار» لعمله.