لم يعد إعلان «الجزيرة» إطلاقَ قنوات محلية جديدة في عواصم مختلفة يمثّل حدثاً هاماً. القناة القطرية التي سبق أن اشترت محطات سابقاً في سراييفو وأميركا والبلقان، ها هي تُطلق قريباً قناة محلية في لندن، وأخرى في فرنسا، وفق ما أعلن المدير العام للشبكة أحمد بن جاسم آل ثاني، خلال اختتام «منتدى الجزيرة السابع» يوم أول من أمس الاثنين. أسئلة كثيرة تطرح هنا، لماذا لندن تحديداً، وخصوصاً أنّ «الجزيرة» كانت قد اشترت قبل أشهر قناة ناطقة بالإنكليزية هي Current TV في أميركا؟ (الأخبار 4/1/2013).
وقد علمت «الأخبار» من مصادر داخل المؤسسة أنّ «الجزيرة» عملت على شراء قناة إنكليزية محلية في لندن لأسباب عدة أولها «سهولة صناعة رأي عام بريطاني مؤيد للسياسة القطرية». وهي مهمة أسهل بكثير من استقطاب الرأي العام الأميركي. ومن المرجّح أن يتولّى إدارة القناة البريطانية صلاح نجم، مدير الأخبار الحالي في القناة الإنكليزية التي تبث من الدوحة، وخصوصاً أنّ الأولى ستكون جزءاً من «الجزيرة» الإنكليزية (تأسست عام 2006) وستُعَدّ برامجها وتُبَثّ من بريطانيا لخمس ساعات يومياً. ستنافس المحطة البريطانية كلاً من BBC و«سكاي نيوز» و channel 4 و ITV، مستفيدةً من عمالقة في الإعلام البريطاني ممن انضموا إلى القناة الإنكليزية، كسير ديفيد فروست الذي أخذ إجازة تحضيراً للمحطة البريطانية. ويقول مطلعون على الملفّ إنّ المشروع الذي سيوفر أكثر من ألف فرصة عمل، وسيكلّف بين 150 و200 مليون جنيه إسترليني (أكثر من 200 مليون دولار)، سيكون ذا إدارة منفصلة عن الشبكة، حاله حال Current TV التي اشترتها «الجزيرة» في أميركا قبل أشهر.
وكانت إدارة الشبكة قد أعلنت أول من أمس الاثنين أنّها ستطلق قريباً قناة إخبارية إنكليزية من بريطانيا. وقال أحمد بن جاسم آل ثاني: «يسرني أن أعلن اليوم أننا في مراحل دراسة متقدمة لإطلاق قناة ناطقة باللغة الفرنسية أيضاً نسعى من خلالها إلى مدّ جسور التلاقي مع ثقافات وشعوب صديقة أخرى، في أفريقيا وأميركا الشمالية وأوروبا». وأعلن جاسم أيضاً أنّ «الجزيرة» في صدد إطلاق قناة تركية تبثّ من إسطنبول. وأضاف أنّ «الجزيرة» حصلت على «حقّ البث على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأميركية، لتصبح أول قناة غير أميركية يصل بثها إلى ما يقارب 42 مليون منزل في الولايات المتحدة». لكنّ «الأخبار» علمت أنّ «صقور» الشبكة ما زالوا غير مقتنعين بفكرة إطلاق قناة فرنسية؛ فالجمهور الفرنسي لا يُعَدّ هدفاً لهم، وما زال النقاش دائراً في أروقة الإدارة. وقال مصدر في المؤسسة إنّه إذا توصّلوا إلى افتتاح قناة باللغة الفرنسية، فلن يكون مقرها عاصمة الأنوار، بل الساحل الأفريقي الناطق بالفرنسية.
ويبقى السؤال: لماذا كل هذا التوسع؟ ولماذا بذل كل هذه الجهود لصناعة رأي عام مؤيد للسياسة القطرية في العواصم الغربية؟ وهل تعتقد قطر أنّها أحد الأقطاب في هذا العالم لتصنع السياسات وتقولب الشعوب، وهي التي انخفضت شعبيتها في كل من مصر وتونس بعد انحيازها إلى الإسلاميين، والتحريض السافر الذي تمارسه وما زالت في الملف السوري لتأتي الدماء لتكمل الشطر الثاني من العلم القطري النبيذي؟