شاعت نكتة منذ سنوات تربط بين «قمة الصبر» و«انتظار فيلم بورنو» على قناة «المنار». والحال أنّ النكتة هذه لا تعيب «المنار»، ولا تسعى إلى التقليل من شأنها كقناة مقاومة، لكنها تدلّ على صرامة مبالغ فيها، ومفهومة في آن واحد لدى المحطة الحزبية والحربية التي تلزم العاملين فيها بأسلوب لباس ومنطق وهندام متشدد. نكتة (مبالغ فيها) لا تطلب بالطبع من «المنار» ما ليس في استطاعتها، ولا في استطاعة أيّ من المؤسسات الإعلامية الأخرى، لكنها تسأل المحطة ــ بطريقة أو بأخرى ــ القليل من المرونة، وخصوصاً أنّ الجدية تطبعها في معظم الوقت.
قبل العراك الشهير بين سالم زهران وأسعد بشارة في استديو عماد مرمل (الأخبار 19/2/2013)، كانت «المنار» تحافظ على «شباكها» نظيفة تماماً من أي «أوساخ» لفظية بذيئة، لكن في تلك الحلقة، أفلتت من فم أسعد بشارة كتلة لزجة قذرة، قابلها سالم زهران بشتيمة من العيار الثقيل، يستخدمها كثيرون من دون أن ينتبهوا أنّها في أصلها مهينة للمرأة قبل أن تهين الشخص الذي تستهدفه، فهي تكشف ذكورية مقيتة في استحضار المرأة لمحاولة إهانة الرجل المقصود. هذه الشتيمة تكفّلت إدخال زهران كتاب «غينيس» كأوّل إنسان يستطيع التلفظ بـ «... أختك» على هواء «المنار» مباشرة. استدعت يومها هذه الحادثة عشرات النكات على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تعلّق على الإشكال بعينه، بقدر ما «نوّهت» بالـ « هدف» الذي أحرزه زهران، وطالبت «المنار» بإرفاق برامجها السياسية بتحذير: «ينصح بوجود الأهل»، أو تذييل الشاشة بشعار «+18» التحذيري.
يومها اعتقد كثيرون أنّ هذا «الهدف» سيبقى يتيماً، مع وجود «حرّاس مرمى» يتفوقون على الأمن العام اللبناني و«المركز الكاثوليكي للإعلام» وما عداهما من «حرّاس الأخلاق»، وأنّ عبارة كهذه انزلقت في «لحظة تخل»، أنست «المدافع عن المقاومة» خالد زهران أنّه على هواء محطتها، وحملته ـ بلا وعيه الممانع ـ إلى الهجوم ببذاءة على مناظره أسعد بشارة، لكن بعد أسابيع، أبى مراسل المحطة في طهران إلا أن يضيف هدفاً في مرمى فريقه، في زلة لسان قاتلة، جعلته ينطق بـ « صباح الـ...» بدلاً من «صباح الخير». زلّة تشبه الخطأ التاريخي للاعب الكولومبي اسكوبار في مرمى فريقه خلال مباراة مع الولايات المتحدة في مونديال عام 1994، وكلّفه يومها حياته، إذ قتل على أيدي عصابات الرهانات لدى عودته إلى كولومبيا.
لن تكلّف زلّة «صباح الخير» مراسل «المنار» في طهران، لا سمح الله، حياته. وعلى الأغلب، لن تكلّفه وظيفته، فهو لم يقصدها، لكنها كلّفت «المنار» مئات التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، أحرجت القائمين عليها بلا شك، هم الذين يحرصون دوماً على صورتها كقناة قادرة على اختبار صبر سيئي النيات، ومصطادي الزلّات!