إلى متى يبقى مراسلو الوسائل الإعلامية يدفعون ثمن الانقسام السياسي الحاد الذي يعيشه لبنان؟ ومتى يتحرّك المعنيون لحماية الصحافيين من الاعتداء عليهم خلال أدائهم عملهم اليومي؟ وفي هذا السياق، فقد اعتُدي أول من أمس على حسن الجراح، مراسل قناة «الجديد»، في منطقة جلالا في البقاع، حيث تعرّض للضرب بالعصا وتكسير كاميرته.
وكان المراسل يغطي أخبار الاعتصام الذي دعت إليه «هيئة علماء المسلمين» و«دار الفتوى»، والذي نُظِّم احتجاجاً على قيام السلطات السورية بتوقيف الشيخ عرفان معربوني إمام مسجد «سيدة خير النساء الهاشمي» في بلدة جلالا. وكانت مصادر أمنية كشفت أن توقيف معربوني جاء بعد استعماله هوية شخصية مزوّرة كان ينوي دخول الأراضي السورية بموجبها.
وهذه ليست المرة الاولى التي يتعرّض فيها الجسم الاعلامي للاعتداء خلال تغطية الأحداث في البقاع. قبل أشهر قليلة، اعتدى على الزميل عفيف دياب «شبيحة» زياد الحمصي المحكوم عليه بجرم العمالة للعدو الإسرائيلي (الأخبار 4/6/2012). وبالعودة إلى قضية الجراح، فقد أدخل الأخير الى «مستشفى البقاع» حيث خضع لفحوصات طبية دقيقة وخصوصاً بعد ارتفاع ضغط دمه، إذ تلقى المراسل ضربة على مؤخرة رأسه، فسبّبت له حالة إغماء، وأجريت له الصور الشعاعية اللازمة. ويخضع المراسل حالياً للمراقبة لمدة 24 ساعة بناءً على أوامر الأطباء. وكانت عناصر قوى الامن الداخلي حضروا إلى المستشفى وأجروا تحقيقاً في هذا الاعتداء الذي كاد يودي بحياة الصحافي واستمعوا الى إفادة المراسل الذي ادّعى على مجهول.
وعلى أثر الحادث، دعا الجسم الاعلامي في البقاعين الأوسط والغربي، من مراسلي المرئي والمسموع والمقروء، إلى الاعتصام أمام «مستشفى البقاع» وتسجيل موقف داعم للمراسل والوقوف الى جانب حقوق الاعلاميين الذين يتعرضون للاعتداء بشتى أنواعه. كذلك أصدروا بياناً أدانوا فيه الاعتداءات المتكررة على الصحافيين أثناء تأديتهم واجبهم المهني في نقل الخبر وإكمال رسالتهم، على اعتبار أن الاعتداءات تحصل نتيجة التصنيف السياسي للمراسلين الذين لا ناقة لهم فيه ولا جمل. على أثرها، تلا الزميل عفيف دياب بياناً تضمن مقاطعة جميع نشاطات «هيئة العلماء المسلمين» و«دار الفتوى» و«مسلمون بلا حدود» و«الجماعة الاسلامية»، وتحميلهم مسؤولية ما جرى مع الزميل الجراح، ومطالبتهم بتسليم المعتدين إلى الأجهزة الأمنية والقضاء المختص لنيل عقابهم.