يبدو أنّ عدوى المسلسلات التركية وصلت إلى السينما العربية. بدءاً من 14 الشهر الحالي، سوف يغزو صالات «امبير» الفيلم التركي «حبيبتي» الذي يتناول قصة شابين وتنافسهما على قلب فتاة واحدة من خلال كتابة الأشعار (مدبلج باللغة السورية). وقد يبطل العجب حين نعرف أنّ مَن يؤدي بطولة الشريط هو الممثل التركي كيفانج تاتليتوغ المعروف عربياً باسم «مهند» في مسلسل «نور ومهند».
من المعلوم أنّ ذلك الممثل «الوسيم» كان وجهه «فاتحة خير» على الدراما التركية في ديار العرب. مسلسل «نور ومهند» الذي لعب بطولته إلى جانب الممثلة سونغول أودان (نور) قبل أكثر من خمس سنوات، أطلق «صرعة» الأعمال التركية المدبلجة باللهجة السورية في معظم الأحيان. بعدها، كرّت سبحة المنافسة وتزاحمت التلفزيونات العربية على شراء الأعمال التركية ودفع أموال طائلة لقاء الحصول عليها، لكنّها كانت تعوّض ذلك بالإعلانات التي انهالت عليها. هكذا، بعدما غزا الأتراك الفضاء العربي وفرضوا أنفسهم حتى في الموسم الرمضاني الذي يكون عادةً مخصصاً للمسلسلات المصرية والسورية والخليجية، ها هم يحطّون في صالاتنا. اليوم، يدشّن «مهند» نفسه موضة الأفلام التركية في الصالات، فهل سيحظى بحفاوة في الاستقبال كما حصل مع المسلسلات؟
يقول بسام عيد المسؤول عن برجمة الأفلام في صالات «أمبير» إنّ فيلم «حبيبتي» بمثابة تجربة جديدة في الصالات اللبنانية، ولا يمكن الحكم عليها إلا بعد فترة من عرض العمل. ولا يعتبر الشريط العمل التركي الأول الذي تعرضه صالاتنا، فقبل عامين زارنا فيلم «وادي الذئاب» (الذي يلعب بطولته الممثل مراد علمدار). ورغم أنّ الأخير كان يحكي عن السفينة التركية المحمّلة بالمساعدات الموجّهة إلى فلسطين المحتلة، إلا أنّه للأسف لم يحقق أي نسبة مشاهدة. المضحك أنّ القضية اليوم تختلف. يقول عيد إنّ ««مهند» يحظى بقاعدة شعبية ويتمتع بشريحة من المعجبات، ما قد يقلب معادلة نسبة المشاهدة ويرفع من شأن الافلام التركية في لبنان». إذاً، فالقضية كلها تتعلّق بمهند وبمواضيع الحبّ والمشاهد الطبيعية الجميلة التي تجذب شريحة لا بأس بها من المشاهدين والمشاهدات. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّه خلال «المنتدى الإعلامي التركي ــــ العربي» في إسطنبول في عام 2011 (الأخبار 16/10/2011)، أشار المسؤول في قناة «أم بي سي» في تركيا، دانيال عبد الفتاح، إلى أنّ سعر المسلسلات التركية ارتفع أربعين ضعفاً خلال خمس سنوات، مضيفاً «لم يكن سعر الحلقة الواحدة يتجاوز ألف دولار في عام 2006، ليصل اليوم إلى 40 ألف دولار للحلقة من المسلسلات التي تصنّف درجة أولى أو A+». واليوم، ها هم المنتجون يرمون ببالون اختبار إلى المشاهد اللبناني المحب للسينما، فهل ستغريه «البضاعة» التركية؟ كثيرة هي المفاجآت التي يحملها «حبيبتي». شركة Bkm المنتجة للشريط تلقّت عرضاً بترجمة العمل إلى اللهجة اللبنانية، لكن الشركة رفضت ذلك، وطلبت من زميلتها «سامة للإنتاج الفني» للراحل أديب خير (الأخبار 14/1/2013) أن تتعاون مع شركة la vida اللبنانية ودبلجة الفيلم الى اللهجة السورية.
يبرّر روجيه بو عاصي صاحب ومدير la vida تلك الخطوة، بأن المشاهد العربي اعتاد اللهجة السورية التي كان لها الفضل الأول والأخير في نشر المسلسلات التركية التي أدخلت ملايين الدولارات الى شركات الإنتاج التركية وروّجت للسياحة في تلك البلاد. يلفت بو عاصي إلى أنّ دبلجة الفيلم الجديد التركي تعدّ الخطوة الأولى في مسيرة شركته المتخصصة في ترجمة الافلام، وقد تمت دبلجته في بيروت وليس في سوريا، بالتعاون مع «سامة» التي تملك خبرة واسعة في مجال الدبلجة. إذاً، سيحطّ «حبيبتي» في الصالات اللبنانية والعربية معاً في منتصف الشهر الحالي، وفي الوقت نفسه سيُعرض في تركيا كأنّه مقدّمة لـ«غزو» جديد، في وقت لا تزال فيه الدراما العربية تفتّش عن وسائل للتصدي للمسلسلات التركية من خلال استنساخها تارةً (الحالة السورية) أو إشراك ممثليها (مسلسل «تحت الأرض» في مصر) طوراً.