في رسالة «يوم الفرنكوفونية العالمي» (20/3)، يتوجّه الأمين العام للفرنكوفونية عبدو ضيوف الى العالم، معلناً الاتحاد عبر لغة واحدة مع الحفاظ على التنوع الثقافي واللغوي للشعوب، واعداً الجيل الشاب بالاستجابة لتطلعاته وحثّه على توحيد الرؤية حول العالم. إذاً، محوران أساسيّان يشكلان مدماك الاحتفاء بالفرنكوفونية هذا العام: الشباب والتعددية في اللغة. كان للبنان الحصة الأكبر في الحدث عبر تخصيص شهر آذار (مارس) كاملاً للاحتفال بالفرنكوفونية.
انطلقت الفعاليات في بداية الشهر الجاري، تحت شعار «نحلم الفرنكوفونية» عبر روزنامة متنوعة وغنية من الأنشطة والأحداث من تنظيم «المنظمة الدولية للفرنكوفونية» و«المعهد الفرنسي في لبنان» بالاشتراك مع وزارة الثقافة اللبنانية والسفارات المعنية.
خلال الاحتفال بإطلاق الحدث، دعا السفير الفرنسي باتريس باولي الى جعله «ربيعاً جديداً للفرنكوفونية». مصطلح أشيع على امتداد العالم العربي، فكيف يريد الفرنكوفونيون تجسيده؟ يجيب مدير «المعهد الفرنسي في لبنان» أوريليان لو شوفالييه في حديث مع «الأخبار» أنّ مصطلح «ربيع الفرنكوفونية» لن يكون سياسياً بل ثقافياً: «إنّه فرصة لجعل اللبنانيين يحيّون من جديد تعدد اللغات وخصوصاً للناشئة. تكتسب هذه الفرصة قيمتها عبر مختلف النشاطات المقامة التي تتوجه الى العامة والشباب». ولدى السؤال عن سبب احتفال لبنان بهذه المناسبة على مدى شهر، بعكس الدول الفرنكوفونية الأخرى التي تحتفي به في يوم واحد أو أسبوع، يشدد لو شوفالييه هنا على الدور الأساسي والمحوري الذي يلعبه لبنان في «المنظمة الدولية للفرنكوفونية»، بالإضافة الى التنوع والتعددية اللغوية التي تميز هذا البلد.
الأنشطة المختلفة في البرنامج ستخلق بالطبع هذا الحلم عبر حثّ الخيال على المزيد من الإبداع كما يؤكد لو شوفالييه، وخصوصاً تلك المتعلقة بالمسرح والفن والسينما. وكما أورد ضيوف في خطابه، أكد لو شوفالييه أيضاً على جعل الحدث اختباراً لا للغة الفرنسية فحسب، بل للإنكليزية أيضاً عبر الشراكة مع «المجلس الثقافي البريطاني». برأيه، تتجسّد اللغة في الخطاب والأفعال والمشاريع ليضحى لبنان نموذجاً للتعددية والانفتاح.
روزنامة الأنشطة التي توزعت بين الفن والمسرح والموسيقى حافلة على مدى ثلاثين يوماً، تتوزّع في مختلف المحافظات اللبنانية حيث مراكز وجود «المعهد الفرنسي في لبنان» (بيروت، جونية، طرابلس، بعلبك، زحلة، دير القمر، وصور). دُشّن الحدث بغرافيتي للفنان «تانك» (راجع المقال المقابل) وسيُقفل على سهرتين في مهرجان «الصوت حرّ» (22/23 آذار ــ س 20:00) على «مسرح مونتاني» في المعهد الفرنسي. سيجمع المهرجان مجموعة من المبدعين والشعراء والفنانين على غرار إحيائه في المدن الفرنسية. وستفتح المعاهد المعنية أبوابها للمدارس الخاصة والرسمية من 4 إلى 21 آذار (مارس) لإطلاق مختلف المحترفات الفنية من رقص ورسم وغرافيتي ومسرح. كذلك، ستعرض لوحات الفنان ويلي عرقتنجي الذي جسّد قصص الكاتب الفرنسي لافونتين في 244 لوحة (يعتبر الفنان الوحيد الذي رسم كل حكايات لافونتين) وسيقدَّم منها 28 على «مسرح مونتاني (حتى 23/3). ينتقل الحدث الى المسرح مع الدورة 14 من «المهرجان الدولي للحكاية الشفهيّة والمونودراما» (من 12 حتى 17/3) على «مسرح مونو» في بيروت. هذه المرة، ستكون النسخة أفريقية عبر استقدام خمسة حكواتيين أفارقة، سيعرضون على المسرح عينه، بالإضافة الى إمكان تنقّلهم في المدارس والمعاهد الفرنسية تبعاً للطلب. كما في بيروت كذلك في المحافظات الأخرى التي ستشهد عروضاً مسرحية وفنية، أبرزها إطلاق مسابقة الأغنية الفرنكوفونية في البقاع للفئة العمرية التي تراوح بين 10 و15 عاماً، على أن يتم التسجيل في 20 آذار، بالإضافة الى ندوات توعوية تثقيفية حول ترشيد المياه وغيرها من المواضيع الهامة والحيوية. الاحتفاء بيوم المرأة العالمي (8/3) خُصِّص للإضاءة على أحوال النساء الإثيوبيات اللواتي يأتين الى لبنان ويعانين ظروفاً صعبة. وقد تولّت هذه المهمة الصحافية والمصوّرة نورما ناكوزي من خلال معرض فوتوغرافي بعنوان «نساء أثيوبيات» (حتى 15/3) يقام في الباحة الخارجية لـ«المعهد الفرنسي» في بيروت.
البارز في الاحتفالية إطلاق مسابقة «أبلغ عشرين عاماً و...» التي يشارك في تنظيمها «المعهد الفرنسي» والسفارة الكندية و«مؤسسة سمير قصير» بالشراكة مع مكتب الشرق الأوسط التابع لـ«الوكالة الفرنكوفونية». سيشارك طلاب الصحافة من مصر، والعراق، والأردن، وفلسطين، وسوريا ولبنان في استمزاج آرائهم كناخبين من خلال كتابة مقالة تبدأ بجملة «أبلغ عشرين عاماً و...» وتلقي نظرة نقدية على قضايا ومسائل راهنة في المنطقة. والهدف كما يقول المنظّمون هو دفع هؤلاء الشباب للانخراط أكثر في تغطية الإشكاليات السياسية والمدنية، بالإضافة الى اكتساب كيفية الدفاع عن حرية التعبير والصحافة. هذه الشريحة المعوّل عليها في احتفالية الفرنكوفونية تبدو من المرتكزات الأساسية لأغلب الأنشطة. تقول المولجة بالشأن الثقافي في المعهد الفرنسي كارول برات لـ«الأخبار» إنّه لطالما حرص المعهد منذ ثلاث سنوات على جعل هذا الحدث مختلف الأوجه والأنشطة، وخصوصاً للطلاب الذين «يودّون إتقان اللغة الفرنسيّة ويشاركون باهتمام في إرساء قيم الفرنكوفونية» مع تسجيل واضح لأهمية المحترفات التي تلقى رواجاً واضحاً لدى هذه الفئة.



«يوم الفرنكوفونية العالمي»: حتى نهاية آذار (مارس)
www.20mars.francophonie.org