هل تعيش «دار الصياد» (تأسست عام 1943) أيامها الأخيرة، أم هناك مجرد تغييرات ستطرأ عليها في المرحلة المقبلة؟ وهل الأزمة التي تضرب مجلة «الشبكة» هي القصة كلّها؟ أم أنّ للحكاية تتمة ترويها الأيام الآتية؟ أسئلة تطرح هذه الأيام في أروقة «دار الصياد» العريقة. هل انتهى العصر الذهبي الذي انطلق على يد المؤسس سعيد فريحة (1905ــ 1978)؟
ببساطة، يلاحظ أنّ التغيير الجذري في الدار بدأ من خلال أداء مجلة «الشبكة» (تأسّست عام 1954) التي حذفت أسماء الصحافيين الذين يكتبون المواضيع فيها منذ شهر تقريباً وأكثرت من المواضيع والأخبار الأجنبية مبتعدةً عن السياسة التحريرية العتيقة التي اشتهرت بها. المضحك أنّ المجلة لم تستثن أسماء ثلاثة، هم من أعلام الصحافة في لبنان، وبعضهم عمل في المجلة لنحو 40 عاماً: الياس حداد ومريم شقير أبو جودة وعبد الغني طليس، ولا حتى استثنى الحذف اسم مدير التحرير طوني خوري، لتتصدر الصفحة الأولى أسماء آل فريحة. وقد أكّدت مصادر لـ«الأخبار» أنّ حداد قدم استقالته، فيما طليس معتكف في منزله. ويبدو أنّ المؤسسة تمارس ضغطاً على موظفيها يجعلهم يتخذون قرار الانسحاب منها خوفاً على صدقيتهم، وبهذا لا تجبر المؤسسة نفسها على دفع معاشات الصرف التعسفي.
لا تتوقف المشكلة عند هذا الحدّ؛ لأنّ الموسى وصل إلى رقاب الموظفين الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على التفرّج على ما يجري خوفاً على رزقهم. وعلمت «الأخبار» أنّ ما يجعل الموظفين يصبرون هو أنّهم مضمونون صحيّاً على حساب الدار، لكنهم لن يظلّوا ساكتين على «الظلم الذي نتعرض له» وفق ما يقول أحد الموظفين. الأنكى من هذا أنّ هذا الموظّف يستغرب ادعاء المجلة بأن الزيادة على سلسلة الرتب والرواتب التي لحقت المؤسسات الرسمية والخاصة منذ مدة، لحقت بهم أيضاً، موضحاً «أننا نتقاضى المعاشات مقسّمة إلى جزءين، أولهما بصيغة معاش شهري، والآخر شيك يدفع بشكل برّاني» كي لا تشمله الضريبة. فوق ذلك، لوحظ أن الدار أجّرت طبقتين من مبناها في منطقة الحازميّة، ولم يعد مرأب السيارات مجاناً للموظفين، ما زاد من الضغط عليهم. طبعاً، ليست «الصياد» مؤسسة خيريّة، لتدفع رواتب عشرات الموظفين من دون مقابل، لكن ما الذي دفعها إلى اتخاذ قرارات تهدّد وجودها؟ وما مدى صحة الكلام عن انتظار المديرة العامة للدار إلهام فريحة المخلّص الوليد بن طلال ليمدّ لها يد العون أو ليدخل شريكاً فيها، وخصوصاً أنّ الوليد يحاول تمتين موقعه على الساحة اللبنانيّة أكثر قبيل الانتخابات. ويتردد أنّ الأمير السعودي سيدخل شريكاً في مطبوعات الدار كلّها، وهي جريدة «الأنوار» ومجلات «الفارس» و«فيروز» و«الإداري» و«الشبكة». وبهذا، سيعيش آل فريحة والوليد شهر عسل انقطع بينهما، حين اتُّخذ قرارُ عدم تغطية نشاطات الأمير في الدار على مدى أكثر من ست سنوات. هل بدأ العد العكسي لانتهاء إحدى أعرق دور الصحافة في العالم العربي؟