في عهد الملك السابق، منعت دائرة المطبوعات والنشر الأردنية أحد أعداد صحيفة عربية تصدر في لندن؛ ولدى مراجعة مدير مكتب الصحيفة في عمان لدائرة المطبوعات والنشر مستعلماً عن أسباب المنع، قال له «الرقيب» إن القرار جاء بسبب احتواء العدد على "كلام" معاد للأردن. وذهل مدير مكتب الصحيفة حينما عرض عليه «الرقيب» الصفحة المقصودة، وقد انتشرت على سطورها خطوط قلم التعليم الأصفر، ولم يملك إلا أن هتف: ولكنها اقتباسات مباشرة من كلام الملك نفسه! فجاءه الرد بارداً: وإن يكن، فالكلام يبقى معادياً للأردن!
وفي حادثة أخرى، يروى أنه ـ ذات يوم ـ وصل بهو الاستقبال في صحيفة «الرأي» جندي المراسلات (يتنقل على دراجة نارية) وتوجه بالسؤال لموظف الاستقبال: هل الأستاذ فلان موجود؟ فأجابه بالنفي. فسأل من جديد: فهل الأستاذ علان موجود؟ فأجابه بالنفي مجدداً. وظل هذا يسأل وذاك يجيب بالنفي إلى أن أتم أربعة أسماء كان الجندي يقرؤها من مغلف بيده، وحينها سأل عن رئيس التحرير فقيل له إنه غير موجود، ولكن يستطيع اللجوء إلى مدير مكتبه إن أراد، ففعل.
وبعودة رئيس التحرير إلى مكتبه مساءً وجد مغلفاً مثبتاً عليه أسماء أربعة من مدراء التحرير العاملين لديه، وبين كل اسم وآخر «أو». فتح المغلف فوجد فيه ورقتين مطويتين، تصفحهما جيداً، ثم استدعى مدراء التحرير الأربعة. ولوح بالورقة في وجوههم هازئاً: هل يمكنكم أن تخبروني باسم أي واحد منكم سأنشر هذا المقال الذي وصل مع جندي مراسلات «الدائرة»! عليكم أن تتفقوا بسرعة لأن المقال مكتوب عليه أمر بالنشر في عدد يوم غد!
هذه ليست طرفة، هذه واقعة معروفة تروى في «الرأي» التي يردد أهلها من قبيل اعتدادهم بها القول بأن «الرأي» حتى لو غاب كل موظفيها ستصدر بلا شك في اليوم التالي، ما يدفع للتفكير في واقع يتيح لصحيفة ما إن تصدر بمعزل عن إرادة العاملين فيها، ناهيك عن محرريها.