معارضون أردنيون كثر انتقلوا إلى حضن السلطة لقاء إسكات أصواتهم المشاغبة في الصحافة منذ ثمانينيات القرن الفائت، لكن تلك السياسة كانت تحوّل هؤلاء الصحافيين المنتمين إلى أحزاب يسارية، عادة، إلى وزراء وسفراء متقاعدين في نهاية المطاف. الخطة البديلة اتبعت منذ بداية الألفية الثالثة، إذ اختلقت عشرات المناصب الاستتشارية للوزراء ومديري الهيئات الحكومية والبلديات، تضمن إبقاء الصحافي على عموده اليومي أو «دسك التحرير» أو تقاريره وتغطياته وتلميع صورة السلطة في آن، وتُفسح المجال أمام المستشارين –المتبدلين بسبب تغيير الحكومات الدائم- مواصلة انتقادهم لمراكز أخرى متنفذة في الدولة وممارسة أدوار رقابية لا تؤثر في مهامهم الاستشارية.
ما دون ذلك، تُشكّل لجان إعلامية حكومية تمنح أغلب الصحافيين الصغار مكافآت شهرية متواضعة كفيلة بإغلاق باب النقد تجاه المؤسسة الرسمية، وتُضعف في الوقت نفسه وحدات العلاقات العامة داخل أجهزة الدولة لإنابة الصحافة القيام بدورها، وتخلق تنافساً شديداً وعداوات بين أهل المهنة. تنظر الحكومات المتعاقبة إلى الصحافيين بوصفهم خبراء تتسابق إلى تعيينهم مستشارين، وتنساهم بمجرد خروجهم من «السباق» الصحافي وجلوسهم في البيت.