«الصدمة» فيلم سيُعرض قريباً في الصالات اللبنانيّة بعد عرضه في غير مهرجانٍ في الخارج. وقد وافق الأمن العام اللبناني عليه، وفق ما جاء في مقابلة أجرتها جريدة «الحياة» مع مخرج الفيلم اللبناني زياد دويري. كثيرٌ من مشاهد الفيلم صُوّرت في تل أبيب، عاصمةِ الكيان الصهيوني.
والممثلة التي لعبت دور البطولة فيه إسرائيلية. والأمران قد يشكّلان مخالفة للقانون الصادر في لبنان عام 1955 الذي ينصّ على حظر «المساهمة في مؤسسات أو أعمال إسرائيلية داخل إسرائيل أو خارجها». حين سُئل عن التصوير في تل أبيب، قال دويري إنّه لم يجد مدينة تشبهها؛ واعتبر أنه لم يرتكب «جريمة» بتصوير الفيلم هناك. لكن، لماذا تناسى أنّ هذه المدينة قامت على أنقاض بلدة عربيّة كان اسمها «تل الربيع»، وقد تمّ تطهيرها عرقياً من سكّانها الأصليين عام 1949؟ وهل يستطيع أن ينكر أنّ تصويره هناك تجاهل للمأساة التي ما زالت ترخي بظلالها على سكان تل الربيع (ويافا) الأصليين؟
يبرّر دويري استعانته بممثلة إسرائيلية لتلعب دور الفلسطينية التي فجّرت نفسها في مطعم يعجّ بالأطفال بأنّه لم يجد ممثلة فلسطينيّة تصلح للدور بسبب وجود «مشهد تعرّ». فهل رفضُ الفلسطينيّات التعرّي، أو عدمُ تمكّن الفنانين الآخرين من اللغة العبريّة، كما يقول دويري، مبرِّرٌ للاستعانة بممثلات وممثلين إسرائيليين، ومبرّرٌ ـــ من ثمّ ـــ لكسر قرار المقاطعة الذي تبنّاه المجتمع الفلسطيني بغالبية منظماته الأهلية منذ 2005؟ بل هل يخلو العالم كله من «فريق عمل» غير إسرائيلي ذي كفاءة تقنية ملائمة (فريق عمل الفيلم، باعتراف دويري، مكوّن من عناصر إسرائيلية)؟
يقول دويري في «الحياة» إنه أمضى سنة من حياته في تل أبيب، فـ«اكتشف» أنّ «تصرّف الإسرائيليّين الشاذ» و«عنفهم» لا يأتيان «بفعل الكراهية أو العنصرية فحسب، بل أيضاً بداعي الخوف». لكنّ دويري لا يتساءل عن الأسباب الحقيقية لخوف الإسرائيليين، ألا وهي ممارستهم بأنفسهم «للكراهية والعنف» والاحتلال والعنصرية ضد فلسطين والعرب، وهي الأسباب التي تؤدي إلى رد فعل طبيعي ومشروع، ألا وهو المقاومة.
لهذه الأسباب وغيرها، لم يكن عبثاً أن يعتبر كثيرون أنّ الفيلم ـــ رغم نيله السعفة الذهبية في «مراكش» في 2012 ـــ «روّج للصهاينة» ولجزء من «مسلسل التطبيع الإعلامي والثقافي والفني» مع العدو الصهيوني. إنّ «حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان» تستنكر تصوير الفيلم في الكيان الغاصب، وتستنكر الاستعانة بفريق عمل إسرائيلي وبممثلين إسرائيليين. وهي تدعو الفنانين اللبنانيين والعرب إلى مواصلة مقاطعة كل أشكال الاتصال والتعاون مع الإسرائيليين على مختلف المستويات الاقتصادية والفنية والثقافية والأكاديمية والرياضية.
وختاماً، تشير الحملة إلى أنّ دولة قطر التي هي الطرف الرئيسي في إنتاج الفيلم، قد امتنعت عن عرضه في مهرجان «ترايبيكا» وذلك «تفادياً لما قد يثيره من مشاكل»... فهل لبنان أقلُّ حرصاً على «تفادي المشاكل» كي لا نقول أقلّ تأثّراً بالهمجية الإسرائيلية من... قطر؟

حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» (لبنان)