بعد تحطّم أحد أقدم أسواق منطقة الشرق الأوسط في مدينة حلب القديمة، وقصف «قلعة الحصن» في محافظة حمص التي حوصر فيها مسلحون من المعارضة ودارت فيها اشتباكات عنيفة، وتدمير الكثير من المعالم الأثرية السورية، ها هي جبهة «النصرة» تحطّم تمثال «فيلسوف الشعراء» أبو العلاء المعري (973 ــــ1057) في مسقط رأسه في مدينة معرة النعمان (جنوب محافظة إدلب). الخبر انتشر على الشبكة العنكبوتية أمس مقروناً بصورة للتمثال الشهير منزوع الرأس ومهشّم القاعدة. وعلى الرغم من مأساوية الخطوة، إلا أنها لم تثر الكثير من الاستغراب في الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن أنباء ترددت أخيراً مفادها أنّ مجموعات مسلحة معارِضة حاولت مراراً تحطيم تمثال الشاعر الذي عاش في العصر العباسي. الشهر الماضي مثلاً، نقل أحد المواقع الإلكترونية السورية خبراً مفاده أن بعض الأهالي أكدوا أن مجموعات مسلحة معارضة تحرص منذ العام الماضي على هدم التمثال الذي يقع في قلب المعرة، معتقدين أنه من «أجداد الرئيس السوري بشار الأسد»! إلا أن محاولات الأهالي نجحت في منعهم موقتاً.
وقال أحد النشطاء في المدينة للموقع نفسه إنّ بعض هؤلاء المسلحين مقتنعون بأن هناك أسباباً كثيرة تؤكد عدم جواز رفع تمثال المعري، أبرزها أنّه «ملحد»، كما أنّه «هاجم الدين طوال حياته»، فيما يقول آخرون إن أصوله ترجع إلى «آل بيت رسول الله محمد، والشيعة يصفونه بأنّه من شعراء أهل البيت». ومنذ اشتعال الأزمة السورية، بدأ الحديث في أوساط المجموعات المسلّحة عن عدم جواز الإبقاء على ثماثيل أو آثار لشخصيات تاريخية في سوريا، انطلاقاً من أنّها أعمال «ضد الدين، وهي عبارة عن أصنام وجب محاربتها»، ما يذكّرنا بما فعلته حركة «طالبان» في أفغانستان سابقاً.