بانحسار حركة البريد الجوي إلى دمشق، خلت واجهات أكشاك بيع الصحف والمجلات من معظم الدوريات الثقافية والأدبية العربية التي كان ينتظرها قراء العاصمة مطلع كل شهر، فيما احتجبت مجلة «شرفات» التي كانت تصدرها وزارة الثقافة، وتحوّلت المجلات الفصلية إلى حوليات. هكذا اضطر الباعة إلى إبراز دوريات «اتحاد الكتّاب العرب» التي لا يقرأها أحد عادةً، واحتلت صحيفة «الأسبوع الأدبي» الواجهات، فيما تتكدس نسخ عدد الأسبوع الفائت في رزمة مُحكمة، في انتظار إعادتها إلى مستودع مؤسسة توزيع الصحف تحت اسم «مرتجعات». اللافت أنّ أكشاك الصحف أخذت تستقدم في الآونة الأخيرة بعض الكتب الرائجة لتعويض الخسائر. أينما ذهبنا، ستطالعنا رواية أحلام مستغانمي (الصورة) الجديدة «الأسود يليق بك»، وكتاب «أبراج 2013» بتوقيع ماغي فرح. يخبرنا أحد باعة الأرصفة بأنه يبيع الكتابين بنصف ثمنهما الذي تطرحه المكتبات. وبفحص بسيط للنسخ المعروضة، سنكتشف بأنّها مقرصنة. الأمر ليس جديداً، لكنّه بات ظاهرة في ظل الأزمة السورية الراهنة.

هناك أكثر من دار سورية متخصصة في قرصنة الكتب الرائجة وتوزيعها محليّاً. القارئ من جهته، لن يعبأ إن كانت النسخة التي بين يديه أصلية، أو مزوّرة، طالما أنّه حصل عليها بثمن معقول. على بعد خطوات من مكتبة «نوبل»، أعرق المكتبات الدمشقية، يفترش أحد باعة الكتب الرصيف بنسخ مزوّرة من روايات أمين معلوف وباولو كويلو وإيزابيل الليندي، ودواوين محمد الماغوط ونزار قباني ومحمود درويش، بالإضافة إلى كتب دان براون ومحمد حسنين هيكل. وحين نسأله عن مصدر هذه الكتب، يرفض الإجابة، مكتفياً بذكر اسم إحدى المطابع الوهمية. الأزمة إذاً أرخت بظلالها على كل ما يتعلّق بالمطبوعات، ما حدا بأصحاب بعض الدور إلى التوجه إلى بيروت لطباعة مخطوطات منشوراتهم الجديدة، لا بسبب توقف المطابع عن العمل لوجودها في المناطق الساخنة، وارتفاع أسعار الورق، بل لصعوبة الشحن إلى الخارج للمشاركة في معارض الكتب العربية، النافذة الوحيدة لتوزيع كتبهم، إذ بات توزيع الكتاب السوري في القاهرة أو في الجزائر أسهل من وصوله إلى حلب أو اللاذقية.