«النصرة» تهدّد. «النصرة» تنفذ التهديد. «النصرة» تفجّر. «النصرة» تتبنى التفجير. «النصرة» تقرر تغيير خارطة عاصمة الشمال حلب، وتعلنها إمارة إسلامية، ثم ينوّرنا «القائد النصراوي» أبو لقمان بأنّ الصراع هو من أجل الدين وليس من أجل الديمقراطية، فيما يثلج قائد «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني صدور مؤيديه حين يدعو إلى إنشاء «مراكز إصلاح ذات البين» والتهيؤ لسد الفراغ الحاصل عند انهيار السلطة! أما أبو محمد الكردي، فيوضح في حديث لـ «الجزيرة» أنّ «جبهة النصرة» هم رجال أتوا لنصرة الشعب السوري بعدما خذلهم العالم والهدف هو إقامة «دولة تقوم على الشورى ينتشر فيها العدل والإحسان»! هكذا، تبشّر التصريحات بدولة الحق بينما تبلّل الدماء السلوك الذي لا تتوانى الجبهة عن تبنيه تباعاً.
آخر حضور إشكالي للجماعة الإسلامية المنحدرة من تنظيم «القاعدة» كان منذ يومين في شمال سوريا لكن هذه المرة في ريف إدلب وتحديداً في بلدة سراقب. على ذمة شبكة «شام» المعارضة للنظام ومراسلها أحمد قدور، قامت قوات تابعة للجبهة باقتحام «المنتدى الثقافي الاجتماعي»، وطرد الصحافيين الأجانب من المكان الذي اتخذوه مقر إقامة. وصرحّت «جبهة النصرة» أنّها ستمنع دخول أي صحافي أجنبي، واشترطت على الصحافيات السوريات ارتداء الحجاب أو عدم الدخول إلى مناطق سيطرة الجبهة. وفضّلت أن يتم ارسال صحافيين رجال بدلاً من النساء. وأضاف مراسل الشبكة الإخبارية أنّ ما قامت به الجبهة لن يمر بهذه السهولة وأنّ التظاهرات التي سيّرها الأهالي ضدّ الجبهة ستستمرّ. فيما أتى رد التنسيقيات في بيان نشرته «تنسيقية مدينة سراقب» وجاء فيه أنّ «ملثمين ادعوا أنّهم من اللجنة الأمنية التي شكلها المجلس المحلي لمدينة سراقب قاموا باقتحام المنتدى الذي يقطنه صحافيون دنماركيون مع الناشطتين عبيدة زيتون ودانا بقدونس. وطلبوا منهم المغادرة». وأوضح البيان أن النشطاء هناك قاموا بإيصالهم إلى الحدود التركية حرصاً على سلامتهم. وأشار البيان إلى أنّ الشرعية ستُسحب عن كل مسلح يغرّد خارج أخلاق «الثورة»، ولن يقبل بتصرفات مشابهة تهدف إلى «شق صفوف الثورة». ورغم تعثّر الاتصال بكل من الناشطتين دانة بقدونس وعبيدة زيتون، إلا أنّ الأخيرة نشرت على صفحتها الخاصة على فايسبوك صوراً للتظاهرات ضد «النصرة» في سراقب وأخرى لتظاهرات مصر الأخيرة، وكتبت الناشطة «لا للإخوان... لا للنصرة».
وفي اتصال مع «الأخبار»، صرّح مصدر إسلامي يتزعّم مجموعات مسلّحة تقاتل ضد النظام في حلب وإدلب أنّ اللواء الذي يتزعّمه، انقلب ضد «جبهة النصرة» التي «هاجمت فصائل تابعة للثورة نتيجة وضع الجبهة على قائمة الإرهاب». فيما أكّد المصدر على حقيقة التفاصيل التي حكت عن مداهمة «النصرة» للمنتدى في سراقب ونفى أن تكون هناك توصية بتحجّب الصحافيات أو إرسال الصحافيين الذكور بدلاً منهن. وأضاف أنّه احتجز في المقر الذي كان يقطنه الصحافيون «مجموعة من المخبرين المتعاملين مع النظام». كذلك، يؤكد مصدر مقرّب من النظام السوري لـ «الأخبار» طرد الصحافيين وخروج تظاهرات في سراقب ضد الجبهة بعد فرضها اللباس الشرعي على الرجال والنساء، واعتقالها 40 متظاهراً، بالإضافة إلى 157 ممن «يخالفون أحكام الشريعة»، وصدور فتوى لجباية الضرائب والأموال لصالح الجبهة وإحراق منازل أشخاص إدعت أنهم من الموالاة. هكذا، تستنسخ «الثورة» صورة مشوّهة عن النظام لكن بثوب شرعي متطرف يدعي إقامة الحق والمساواة!