ليس الحلم وحده ما يطغى على صور لارا زنكول (1987). في معرضها الفردي الأول «أعماق» الذي تحتضنه «غاليري أيام» في بيروت، تتنوّع تيمات الفنانة بين الطفولة، والحنين، والذاكرة الغائمة، وتسرّب الوقت وزئبقيّة الواقع.
12 عملاً تظهر عيناً سرياليّة مليئة بالتناقضات. لا تحاول المصورة الحائزة «جائزة شباب أيام للتصوير الفوتوغرافي ـــ 2011» التقاط اللحظة بقدر ما تعمل على ابتداعها. هنا توظّف صورها لخدمة قصص وحالات منغمسة في تفسير النفس البشرية. مشروع الفنانة الشابة يقوم على خلق مشاهد خيالية تجسدها بكاميرتها. صحيح أنّ هذا الأمر عصي في الكثير من الأحيان، إذ كيف تحوّل الأفكار والمفاهيم في رأسها إلى صور؟ يعتمد ذلك على جملة عوامل أبرزها الطقس، والضوء، والموديل الذي تختاره الفنانة...
الأبيض والأزرق البحري وتردّداته، والأصفر الباهت، ألوانٌ تحتلّ صور زنكول وتشكّل خلفيّة لقصصها الحُلميّة. تستخدم زنكول تقنية الفوتوشوب لتعديل ألوانها في أكثر الأحيان. في «غارقة في الأحلام»، تعوم فتاة حالمة في سرير خيالاتها على نهر قلق. يحسب هنا لزنكول الجهد الذي بذلته على السينوغرافيا والديكور والظروف المهيّئة لكل عمل. صورتها «طيور» تحوي ثلاث ربطات عنق طائرة بعيداً عن صاحبها الناظر إليها، محررةً إياه من قيده، كأنّنا به حرّ من القيود والقيم الاجتماعية. هذه اللوحة تذكّرنا بلوحات السريالي البلجيكي رينيه ماغريت، وخصوصاً لوحته «المدرّس».
ينسحب التباس المشاعر تجاه الزمن، والتناقضات الأزليّة بين الحلم والواقع على كل مجموعة زنكول المعروضة في الغاليري. وفي عملها السينماغرافي «نبضة قلب»، تدلّ الحركة المتكرِّرة للفراشة المحبوسة داخل الوعاء الزجاجي، والألوان المريحة المحيطة بها من أبيض وأحمر على السعادة والأمل والظلال المنقذة. وفي هذا السياق، يأتي عملها السينماغرافي لتثبيت الإيمان بالسرياليّة والحلم حقيقةً حيّة ذات دور تأسيسي.
شخوص لارا زنكول مجهولة، غائبة، مفتوحة الذراعين لاسقاطات المتفرّج وترجيح كفّة غير الحقيقي والحلمي على ما سواه.
هكذا، يصبح التصوير الفوتوغرافي وسيلة أخرى لخلق فضاءات وطاقات منفلتة من الروتين ومن الجانب الأليف والمعتاد من الحياة. لقد نجحت زنكول في التواري وراء عالم اللاواقع، لكن كان يمكن لأعمالها أن تكون أكثر عفوية لو لم تنحتها بكل هذه الدّقة والحرص الذي قارب الكمال.




Depths للارا زنكول: حتى 15 شباط (فبراير) ــــ «غاليري أيام» (وسط بيروت) ـــ للاستعلام: 01/374450


تم تعديل هذا النص عن نسخته الورقية بتاريخ | 23 كانون الثاني 2013