القاهرة | يبدو أنّ عام 2013 سيكون تكملة للعام الذي سبقه لناحية غياب الفنانين. أول من أمس، انضم إلى قافلة الرحيل الممثلان وحيد سيف ونبيل الهجرسي. ينتمي الراحلان إلى جيل فنيّ واحد؛ فالهجرسي عرفه الجمهور المصري في النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين، بينما سيف (اسمه الحقيقي مصطفى سيد أحمد سيف) حقق نجومية لافتة تفوق ما حققه زميله الراحل. توفي سيف عن 74 عاماً، ورغم أن بداياته الفنية كانت متعثرة، إلا أن نجوميته سطعت رويداً رويداً، حتى إنّ بعضهم توقّع له أن يكون نجمه امتداداً لعبد السلام النابلسي الممثل الكوميدي الذائع الصيت في مصر خلال حقبتي الخمسينيات والستينيات.
جاء رحيل سيف ليؤكد أنّ العبرة في الخواتيم كما يقول الحكماء. بدأ سيف مشواره من مسارح الإسكندرية حيث ولد، وكان على وشك الاعتزال المبكر بسبب فشله في تحقيق النجاح الذي يضمن له البقاء تحت الأضواء، حتى قدم شخصية عباس في مسرحية «حضرة صاحب العمارة» أمام تحية كاريوكا وزوجها في ذلك الوقت المخرج فايز حلاوة. ظهر عباس على خشبة المسرح لدقائق فقط، عاكساً شخصية الموظف المتردّد الخائف من كل شيء، ليفجّر ضحكات الجمهور ويكتب اسم وحيد سيف بين نجوم الكوميديا الجدد، وهو الذي ظلّ وجوده في أيّ فيلم أو مسرحية يشارك فيها، علامةً مميزةً مهما كانت مساحة الدور. منذ «حضرة صاحب العمارة»، لم يحصل الراحل على إجازة من التمثيل، إلا في السنوات الأربع الأخيرة بسبب مرضه. لكن بين نهاية الستينيات وحتى آخر أعماله مسلسل «دموع في حضن الجبل» عام 2008، قدّم سيف عشرات المسلسلات والأفلام والمسرحيات أبرزها على الإطلاق «شارع محمد علي» التي يحفظها الجمهور باسم الراحل، رغم مشاركة أسماء عملاقة إلى جواره مثل فريد شوقي وشريهان وهشام سليم والمنتصر بالله.
على مستوى السينما، قدم النجم أدواراً مميّزة على مرحلتين: الأولى في مرحلة الشباب مثل أفلام «خلي بالك من زوزو» مع سعاد حسني وتحية كاريوكا، و«الحفيد» مع عبد المنعم مدبولي، بالإضافة إلى أفلام عدّة أهمها: «المذنبون» و«ممنوع في ليلة الدخلة» و «الكرنك» و«اخواته البنات» و«ليلة بكى فيها القمر» و«سواق الأتوبيس». كحالة معظم فناني جيله، انسحب سيف من السينما في مرحلة التسعينيات، ما عدا بعض الأفلام التجارية التي لم تكن تصل أصلاً إلى صالات العرض، بل توزَّع في الخليج على شرائط فيديو كاسيت، قبل أن يعيد جيل الفنانين الكوميديين الجدد اكتشافه ويظهر في العديد من الأفلام، أبرزها مع هاني رمزي في فيلمين هما «السيد أبو العربي وصل» و«عايز حقي»، فيما كانت آخر مسرحياته «ربنا يخلي جمعة» مع أحمد آدم قبل خمس سنوات. وسيقام عزاء سيف يوم الخميس المقبل في «مسجد الحامدية الشاذلية» في الجيزة، وسيكون عزاؤه مشتركاً مع عزاء الفنان نبيل الهجرسي (1937). يذكر أنّ الأخير لمع في شخصية الشاب الخفيف الظلّ في سنواته الفنية الأولى، وخصوصاً في مسرحية «الدلوعة» مع نيللي وفريد شوقي. تزوّج باكراً الفنانة إسعاد يونس قبل أن تحقق هي شهرتها الحالية، لكنّه سرعان ما تراجع واكتفى بأدوار لا تناسب موهبته، ولو كان أهمها في السنوات الاخيرة شخصية الطبيب النفسي في فيلم «ليلة سقوط
بغداد».