بمعطف أسود ولحية غير مشذبة يغزوها الشيب، يقطع عابد فهد «مخيم الزعتري» في الأردن محاطاً بفريق من «الهيئة الخيرية الأردنية»، يتحدث مع امرأة مهجّرة فتشبعه حزناً، بينما يقفز أطفال مبتسمون يرفعون ببراءة شديدة شعار النصر أو الشهادة، ثم يسألون الكاميرا إن كانت تابعة لقناة «العربية» أو «الجزيرة». تبدو تلك الدقائق كأنّها مقتطفات من فيلم وثائقي، لكنها مشاهد حقيقية عاشها بطل «الولادة من الخاصرة» منذ أسابيع.
وحتى الآن، لم تهدأ ردود الفعل على هذه الخطوة التي جعلته هدفاً لانتقاد رواد الشبكة العنكبوتية. البعض عدّها خطوة لتبييض صفحته مع المعارضة، والبعض سخر من اقتراحه باستحداث مركز ثقافي ورياضي في المخيم، ورأى آخرون أنّ الخطوة لا تقدم ولا تؤخر في وقت يحتاج فيه اللاجئون أكثر من مجرد زيارتهم وتفقد أحوالهم. يظل إرضاء الناس جميعاً غاية لا تدرك. لكن ما الذي دفع نجم «الزير سالم» إلى زيارة «الزعتري» في هذا التوقيت؟ يقول لـ«الأخبار»: «قد تستغرب أنني توجهت إلى الأردن في زيارة للكاتب جمال أبو حمدان؛ إذ نعمل معاً على إنجاز فيلمين (راجع الكادر) ولم أكن أستطيع عدم زيارة المخيم، لأنني ما زلت مؤمناً بأن الشعب السوري يعرف كيف يتعايش مع بعضه بمختلف انتماءاته وطوائفه، فذاكرتي تحمل الكثير عن مكان ولادتي في حي الشيخ ضاهر في اللاذقية، لأننا كنا العائلة المسيحية الوحيدة هناك، ولم نشعر يومياً بغربة أو باختلاف مع أحد». يشرح النجم السوري، مضيفاً: «زيارتي طبيعية لا تحمل إلا الإنسانية، وعدا ذاك سقطت كل الرسائل السياسية والعسكرية». ويتساءل: «كيف لنا أن نتنعّم بالدفء، والبرد يفتك بأجساد هؤلاء الأطفال؟» هكذا يكشف فهد أنّ زيارته كانت لدواعٍ إنسانية خالصة، مشيراً إلى أنّه يتواصل دوماً مع أشخاص يبذلون جهوداً فردية لتقديم مساعدات للأطفال اللاجئين، يقول: «تخرجت من مدرسة الحياة، وهذا يستدعي موقفاً تضامنياً مع أطفال بلدي، وليعلم الجميع بأنّه لم تكن نيتي من الزيارة المحاباة السياسية، أو مجاملة أي طرف من أطراف الصراع في سوريا. القصة لا تتعدى كونها موقفاً إنسانياً. الأزمة ستنتهي يوماً ما، والسوريون سيعودون للتعايش في وطن واحد».
يبدي فهد نظرة متفائلة، ممتنعاً عن مصادرة حق أحد في انتقاده. عندما نخبره أن اقتراحه بإنشاء مركز ثقافي ورياضي في المخيم قوبل بالسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، يجيب: «فليُبدِ كل من يريد رأيه، لكنني لم أقصد تقديم اقتراح فارغ من أجل المظاهر. أردت فعلاً تجهيز خيمة بوسائل رياضية وترفيهية، تمكّن الطفل من قضاء وقت فراغ ينسيه حالة التشرد والبؤس التي يعيشها، ويفرغ ما في داخله من غضب تجاه الظرف الذي يعيشه، وبالتالي قد تبدد هذه الطريقة رغبته في الانتقام يوماً ما، وهذا القصد الذي يجب أن يطّلع عليه من يريد مهاجمة اقتراح يحتاج إلى اختصاصيين وجهد كبير لينفذ على أرض الواقع». في مكان آخر، لا يفوّت فهد الفرصة كي يوجّه كلمة إلى الشعب السوري يدعوه فيها إلى الحوار: «لا أقصد النظام والمعارضة، بل أقصد شرائح المجتمع السوري التي أتمنى منها طيّ صفحة الشر والاحتكام إلى فطرتها الخيرة».
وعن الاتهامات التي توجّهها بعض الفضائيات الإخبارية بحق الفنانين السوريين الصامتين إزاء الأزمة، يردّ فهد: «هناك أشخاص حذرون دوماً في الحياة يتحاشون إبداء الرأي، فقد يعرّضهم ذلك للخطر. هل يستحق صمت هؤلاء وحذرهم محاكمتهم مثلاً؟».
على صعيد الفن، أجّل فهد بعض مشاريعه مثل مسلسل «ابن رشد» وفيلم «إسلام حنا» (الأخبار 28/9/2012) بسبب الأزمات المتلاحقة، إلا أنّه يستعد حالياً لتجسيد دوره في الجزء الثالث من «الولادة من الخاصرة» مع رشا شربتجي، ويعد الجمهور بأن يتابع عملاً أهم من الجزءين الماضيين؛ «لأن الأحداث ستتطور وتتخذ الشخصيات منحىً جديداً وتقع تحولات خطيرة تشكّل الأزمة السورية سبباً رئيسياً في حدوثها». لكن هل ينشق المقدم رؤوف مثلاً عن مؤسسته الأمنية؟ ينفي صاحب الشخصية ذلك، مفصحاً: «الجديد عند رؤوف تحوله بطريقة لا علاقة لها برجل الأمن. وقد تكون مفاجأة للجمهور، لكنه سيقتنع بها مع توالي الأحداث؛ إذ سيتورط رؤوف كي يحمي نفسه مع بعض رجال الأعمال المتنفذين ويغرق في الفساد أكثر حتى يتعرض للطرد أكثر من مرة». من جهة أخرى، يستعد فهد لتجسيد دور البطولة في المسلسل المصري «الملك النمرود» الذي كتب نصه أشرف شتيوي ويخرجه السوري محمد رجب.



مشاريع سينمائية

سبق لعابد فهد أن أدى دور المنتج المنفذ لمجموعة من الأعمال التي لاقت نجاحاً كبيراً، ومنها «الظاهر بيبرس». وفي الوقت الحالي، يستعد لإنجاز فيلمين سينمائيين تحت إشرافه، بالتعاون مع الكاتب الأردني جمال أبو حمدان. يحكي الشريط الأول (شرق القمر غرب الشمس) عن رجل وامرأة عاشا في منطقة البتراء الأثرية، ثم نقلا إلى مكان يبعد عنها نحو 300 متر، فشعرا بالغربة وفق حبكة محكمة تسلّط الضوء على تفاصيل كثيرة. فيما يستمد الفيلم الثاني الذي يحمل عنوان «بيت الأم رحمة» أحداثه من قصة واقعية. لكنّ الممثل يتحفّظ حالياً عن إعطاء تفاصيل إضافية عن المشروعين.