لبنَنَ عبدو مدلج في كتابهIndignez-Vous pour ne pas perdre votre dignité (دار سائر المشرق)، الحركة التي بدأت في إسبانيا في 15 أيّار (مايو) 2011 لتنتشر بعدها في العالم بعد الأزمة الاقتصاديّة العالميّة. استعار مدلج شعار «اغضبوا» Indignez - vous من ستيفان هيسيل ليدعو اللبنانيّين الى «الانتفاضة». في لبنان، الأزمة لم تعد اقتصاديّة أو اجتماعيّة، بل أزمة وجوديّة، مردداً عبارة ألبير كامو «أنا أثور، إذاً نحن موجودون». الكاتب المتخصص في الاقتصاد يخاطب المواطنين جميعهم، من دون أيّ استثناء. هو يرى أنّ لبنان لا يشبه المواطنين الذين يتشكّل منهم. في عمله، يعرض مدلج مشاكل لبنان غير المرتبطة بزمان محدد. يطالب المواطنين بعدم قبول أن يُحكم بلد النخبة من قبل الصغار. يتّخذ لنفسه صفة مراقب، ويعتبر أنّ مسؤوليّته تقتضي التحرّك على طريقته. «نكاد أن نخسر بلدنا، إذا لم نتحرّك معاً وفي أقرب وقت ممكن». يطرح مدلج في كلّ قسم من أقسام الكتاب الأربعة مشكلة يعانيها لبنان، ويقدم حلاً لها. البداية من النظام السياسي «المنافق» الذي يشخّص الزبائنيّة والطائفيّة. والحلّ يكمن في تطبيق اللامركزيّة الإداريّة.
«لا بدّ من مناقشة تغيير النظام، فالمناقشة أفضل من الحرب، وليكن التغيير مبنيّاً على أفكار لا على أشخاص» يقول الكاتب الذي يتمنّى خوض السياسة المبنيّة على الأفكار ومناقشتها، لا على الأشخاص أو المال.
المشكلة الثانية هي التبعيّة المخجلة، لا بل المَرضِيّة. يتطلّع مدلج الى تطبيق الحياد الإيجابيّ، لا سياسة العزلة. هذا الحياد الذي تحدّث عنه «آباء» الاستقلال في ميثاق 1943، سيكون كـ«السلاح الذي يحمي السيادة تماماً كما في سويسرا». أما المشكلة الثالثة فهي الفساد الذي يسمّى «شطارة». الفساد وصل الى أوجه في لبنان بعد عام 1990، بحيث «تمأسس»، ولا بد من رفض «الخضوع لحتميّة الفساد الموروث». وأخيراً، تأتي المشكلة الرابعة التي تكمن في الاقتصاد المتدهور. الاقتصاد اللبناني يتمتع بكل الوسائل للنهوض، واللبنانيون هم الرصيد الأكبر لذلك بحسب مدلج.
الكتاب أشبه بصرخة ضدّ فردانيّة اللبنانيّ الذي لا يتمتّع بالوعي الجماعي، الوعي الذي يؤمّن الاستقرار للشعوب: «التغيير ممكن. علينا أن نغيّر سلوكنا المدنيّ والسياسيّ. علينا أن نضيف القوّة الى قناعاتنا والغضب الى أفعالنا».