في أقاصي منطقة ضاحية بيروت الجنوبية، وتحديداً في منطقة حيّ السلّم عند نهر الغدير، تسمّرت معظم المحطات المحلية أول من أمس. هكذا، اختُصرت العاصفة الثلجية التي تضرب لبنان منذ أيام بهذه النقطة. بعض هذه الشاشات خبر هذه المنطقة عن كثب، بينما اكتشفها البعض الآخر أول من أمس، وأفرد لها ساعات طويلة وفتح لها هواء البث لفضح المشاهد الكارثية التي اعترتها جراء جنون «العروس».
في غضون ساعات فقط، تحوّل حي السلم الى «نجم الساحة» وحديث البلد «بفضل» الشاشات التي أوفدت مراسليها المتحصنين بالثياب الواقية من المطر الى هناك. بدأ العرض وربما «الاستعراض» من خلال قطع البرامج المعتادة بملاحق وبث
مباشر.
وحدها «المؤسسة اللبنانية للإرسال» أفردت ساعات بعد الظهر لعرض مشاهد مباشرة من هناك، وتحولت الى مصدر إخباري للعديد من الوكالات. ركّزت LBCI على زاوية طوفان النهر وارتفاع منسوبه مع مرور الوقت، بينما توارت المراسلة رنيم أبو خزام وراء الكاميرا التي بقيت مثبتة على هذه الزاوية، تنقل بدورها طيلة هذه الساعات حجم الكارثة ومعاناة الأهالي.
هكذا، اختصرت العاصفة في كل أرجاء البلاد بهذه النقطة دون سواها، واستكمل الحديث عن هذه المنطقة المنكوبة في النشرة المسائية لتصبح الخبر الرئيسي الأول ليل الثلاثاء.
وصفت lbci هذا النهار باليوم الصعب على الأهالي الذين غادر بعضهم المنطقة جراء انقطاع التيار الكهربائي تفادياً لأي احتكاكات قد يسببها طوفان النهر، مع التأكيد على أهمية وجدوى هذا النقل المباشر الطويل لأنه ساعد ـــ كما تقول رنيم أبو خزام ـــ على تحرّك بعض الجهات للمساعدة في عملية الإنقاذ.
ومن كان يتصوّر أنّ حي السلم، تلك المنطقة الشعبية المنكوبة الأكثر فقراً وإهمالاً، ستحضر أيضاً على «أم. تي. في» التي أوفدت حسين خريس، المراسل الدائم للمحطة في ضاحية بيروت
الجنوبية. وصل المراسل الشاب الليل بالنهار بغية إيصال الصورة عن قرب من خلال حملة «تثقيف» لصفوف مشاهدي محطة المرّ حول أسماء الأحياء والأزقة الشعبية هناك، مع إشاعة جو من التعاطف مع الأهالي من بوابة التهجم على الحكومة، فقال «حيث خجلت الأقدام السياسية والنيابية أن تطأ، دخل فريق «أم. تي. في.» أرض شارع الزهراء في العمروسية».
بدورها، تركت القناة البرتقالية أحوال العاصفة وأضرارها لتضع «أولوياتها في البحث في القانون الانتخابي لـ«اللقاء الأرثوذكسي». وشملت منطقة حيّ السلم مع بقية المناطق المتضررة في شريط بانورامي في أول النشرة.
كما لم تنس «المنار» الوقوف عند حال أهالي حي السلم. بثت محطة المقاومة في أوقات متقطعة نشرات لما يحدث هناك، وعمدت الى استصراح الأهالي لإيجاد السبل الملائمة للخروج من هذه الكارثة، وسط خلفية عائمة بالماء وبصور رجال الدفاع المدني وجرافاتهم. وهكذا فعلت باقي المحطات على شكل متقطع، ناقلة صور هذه «النكبة» من خلال تقارير ميدانية إنسانية، فيما خرج بعض الغلاة الافتراضيين والحقيقيين على مواقع التواصل الاجتماعي ليستغلّوا هذه الكارثة ويشمتوا بوجع الأهالي هناك ممن بنوا منازلهم بشكل غير قانوني، الى حد التمني لهم بالغرق أكثر في مياه النهر لأنهم يستأهلون ما حصل لهم!
أول من أمس، تذكّر أو اكتشف معظم اللبنانيين ومعهم بعض الشاشات أنّ هناك نقطة على هذه الخريطة اللبنانية تدعى حيّ السلم، وأنّ هناك معاناة طويلة تلف هذه البقعة المنسية منذ سنوات وحزاماً من البؤس وضع الدولة خارجاً وأبقى مشهد العشوائيات «الباطونية» المسلحة راسخاً لا تهزّه إلا مياه نهر جنّ جنونه بفعل عاصفة
هوجاء.
المراسل «العتيق»
لسنوات، عرف اللبنانيون المراسل الميداني عبدو الحلو من خلال شاشة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» قبل أن تُطلق عليه رصاصة الطرد التعسفي مع زملائه قبل حوالى سنة.
وقد لمع نجم الإعلامي اللبناني في أوقات الشدة، وخصوصاً لدى تعرّض لبنان لكوارث طبيعية بوصفه مراسلاً حيوياً متنقلاً بين المناطق والطرقات المقفلة والخطرة أحياناً، والمتتبع لأحوال الطقس والطرقات عن قرب ونقلها للمشاهد. وها هو اليوم «يرتاح» ربما من مهماته السابقة ويستبدلها بأماكن مقفلة ومراكز على شاشة «أو. تي. في.» التي انضم اليها أخيراً. مع هبوب «العروس» علينا، أطل علينا المراسل «العتيق» من غرفة العمليات في ثكنة الحلو وترك الحديث للمقدم جوزيف مسلّم ليطلع الناس على أحوال الطرقات ويعطي الإرشادات اللازمة لتفادي جنون العاصفة.



مذيعات تحت الثلج

تحملت المذيعات «ضراوة» الطقس لينقلن الاجواء في المناطق، ولم يخل الأمر من بعض الدلع. وكان لافتاً ظهور المراسلة نوال بري (الجديد) التي أطلّت على الهواء وتركت «أكوام» الثلج تتراكم على شعرها، من دون أن تلجأ الى استخدام مظلة تحميها.