القاهرة | أصدر حمور زيادة العديد من الأعمال الأدبية المميزة منها “سيرة أم درمانية” (مجموعة قصصية عام 2008) و”الكونغ” (رواية عام 2010) و”النوم عند قدمي الجبل” (مجموعة قصصية عام 2014). لكن روايته “شوق الدرويش” المتوّجة بـ «جائزة نجيب محفوظ» تتناول بلغة سلسلة تلك الحقبة من تاريخ السودان حيث قيام الدولة المهدية التي أسسها محمد أحمد المهدي (1844-1885). إنها أكثر الفترات تدويناً في تاريخ السودان، لكنها تشهد تناقضاً واضحاً بين فظاعاتها والبطولات التي قامت خلالها.
النصّ هنا مفتوح على المستويات كافة، والخطاب يفتح الأفق على مصراعيه نحو حياة هؤلاء السجناء الذين دفعوا ثمن حريتهم، فلا يوجد ثمن أغلى من الحرية. تتناول الرواية حكاية منديل بخيت الذي يخرج من محبسه، وبحثه الدؤوب عن كل من تسبب في حبسه، وقتل حبيبته اليونانية المهاجرة ثيودورا. شخصية الأنثى هنا شديدة الثراء والخصوبة، إنها تلك الفتاة التي أُجبرت على الختان، والزواج من سيدها رغماً عنها، لكنها تقرر ألا تنصاع لأوامره أو تعاشره. لغة الرواية بصرية ومكثفة بامتياز؛ يستخدم خلالها تقنية «الفلاش باك» لاستحضار بعض صور الماضي. لكن مع مرور الوقت، تكتشف أنّ تلك الحياة ما هي إلا انعكاس لواقع مرير يسيطر على جغرافيا المنطقة ككل. من هنا يصبح الانتقام حلقة متصلة لا يُمكن الافلات منها، وخصوصاً العداء نحو الرجل الأبيض الأوروبي الذي يحاول طول الوقت استغلال الآخرين جسدياً ومعنوياً مولداً الكراهية والثأر.
الروائية المصرية سلوى بكر أكدت أن شوق الدرويش عمل كبير ومهم وستكون علامة بارزة في تاريخ الأدب السوداني. وتابعت صاحبة “البشموري” أنّ الرواية اعتمدت على مساحات واسعة من الوثائق، بالإضافة إلى مرجعيات دينية (إسلامية ومسيحية وأحياناً يهودية)، وكذلك عمدت إلى تضفير الأشعار الشعبية والعربية الكلاسيكية في النص، لكن المبهر فيها هو الطرائق التعبيرية وطرائق السرد التي استخدمها حمور زيادة، إذ بدا كأنه كاتب مكرس، ممسك بتقنياته السردية بامتياز.
حمور يرى أن الكاتب لا يجب أن يدافع عن روايته أو يشرحها للقارئ لأنها مهمة الأخير الأولى، ولا يعتقد بأنه مؤهل للحديث عن الأدب العربي أو الرواية العربية في عمومها لمجرد أنه منح جائزة لأنه كتب رواية جيدة، كما أنه لا يستطيع أن يدعي أنه جاء بجديد في الرواية.
وبعيداً من القيمة المادية للجائزة، فإنها تشمل ترجمة العمل المُختار إلى اللغة الإنكليزية ضمن منشورات الدار الخاصة بالجامعة الأميركية في القاهرة. علماً أنّ حمور زيادة ولد عام 1977 في أم درمان في السودان، ودرس تقنيات المعلومات وعلوم الكمبيوتر وتخرج عام 2002، ثم عمل باحثاً في مجال المجتمع المدني وحقوق الإنسان، ثم في الصحافة السودانية، إذ تولى مهمة إصدار الملف الثقافي لصحيفة «الأخبار» السودانية. قبل أن ينتقل إلى القاهرة في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2009.