«المهاجران» هو «الفيلم الخفي» لمحمد عبد العزيز (1974) الذي صوّره عام 2011. الشريط مأخوذ عن مسرحية بالاسم نفسه، أخرجها وأعدها سامر عمران عن نص البولوني سوافومير مروجيك وحقق عرضها نجاحاً في دمشق بين 2008 و2010، بحضور محمد آل رشي ممثلاً مع عمران نفسه. أخذ عبد العزيز من المسرحية ما يناسبه، مع تعديلات تتعلّق بالوضع السوري.
عاد إلى ملجأ القزازين مع الكاست المتمرّس نفسه، فسامر عمران ومحمد آل رشي من ممثليه المفضلين. في الشريط، نحن أمام مثقف (عمران) وعامل (آل رشي) يعيشان في قبو حقير، إثر هجرتهما إلى إحدى الدول الأوروبية. ينفجران في ليلة رأس السنة في وجه بعضهما وواقعهما. لا أسماء لهما، بل هما سوريّان منتهكان، هامشيان، كحشرتين في مواجهة العالم. كلسونان على حبل غسيل يحتاج أحدهما الآخر. المثقف يستوحي من العامل (عبد السلطة والمال) لإنجاز كتابه، فيما يستدين الأخير من شريكه في السكن. هما الإنسان السوري بعجره وبجره. المسحوق والمقموع والقادر فقط على الثرثرة بصوت منخفض تحت الأرض. الأقاصيص الصغيرة تصنع سيرورة الفيلم، كما تصنع التاريخ.
عرض فيلم «المهاجران» عن سوريّين منتهكين وهامشيين

ينحو الثلث الأخير باتجاه المستنقع السوري مباشرة. يتحدّث عن القمع والعبودية والحاجة إلى الحريّات. عيد ميلاد العامل في منتصف آذار، أي أوائل الربيع. كذلك، يضرب بالإسلاميين الذين يقومون بتوريط الناس تحت ستار الدين. في هذا القسم، يؤخذ على الفيلم بعض التلقين والمباشرة. مساحة المكان فرضت على عبد العزيز تحديات في الإضاءة والإخراج. لجأ إلى الكاميرا المحمولة على الكتف لتوسيع مجال الحركة. الاهتزاز يتحرّى التوتّر، ويعمل على كسر الرتابة. التنويع في أحجام الكوادر والعدسات يتبع التصعيد، ويقترب من الشخصيتين بشراسة مطردة (توليف نور الدين كردي). لقد استطاع اللحاق بتفاصيل الذروة أحياناً، فيما بدا متأخّراً في بعض المشاهد. هنا، نلمس شيئاً من رياضيات ويس أندرسون في الزوايا والتناظر. مدير التصوير رائد صنديد استمدّ الإضاءة من مصادر طبيعيّة للحفاظ على روح المكان وسوداويته، بينما الممثلان مرتاحان لمشاهد لعباها كثيراً. «المهاجران» قليل الكلفة يحقق الكثير من شروط الدوغما، إلا أنّه ليس كذلك. إنّه من أفلام «الزمن الحقيقي» المأخوذة عن مسرحيات شهيرة مثل «12 رجل غاضب» لسيدني لوميت. الأهم أنّه جديد على السينما السورية بكل ما يمكن أن يُقال فيه.



«المهاجران: 16:00 بعد ظهر الغد ــ ملتقى «يا مال الشام» في كافي «مود» (ساحة النجمة ــ دمشق). للاستعلام: 00963938044092