يستضيف «ميوزيكهول» الليلة الشاعر والمغني البريطاني أنطوني جوزف (1966) الذي سيقدّم موسيقاه الفريدة مازجاً بين الجاز والإيقاعات الكاريبية. اسم الفنان المولود في ترينيداد وتوباغو معروف جداً في أوساط الأدب البريطاني المعاصر. تأثيراته الموسيقية كثيرة، لعلّ جايمس براون، وجيل سكوت هيرون أبرزُها، هما اللذان يذكّرنا بهما حين نسمع أعماله. يسعى جوزف دائماً إلى التجديد، باحثاً عن توزيعات جديدة، وأصوات مختلفة. هذا ما يدعوه إلى التعاون مع شخصيات موسيقية فريدة مثل أرشي شيب، وكيزيا جونز.
الإيقاعات الكاريبية لا تغيب عن مقطوعاته. في She is the Sea مثلاً، لا يصعب أن نتخيّل البحر والأمواج والصدف في الإيقاعات. وكالعادة، يمزج بين الكلام المغنى والإلقاء المحكي لنص أغنياته، بطريقة سلسة ومتماسكة. بانتقاله للعيش في لندن عام 1989، اصطحب معه هذا التأثير الكاريبي القوي. موسيقاه تكاد تكون نقطة تلاقٍ بين الجاز والصول والإيقاعات الكاريبية تلك. في الأصل، جوزف شاعر، وصاحب ثلاث مجموعات شعرية ورواية، كما أنّه أستاذ جامعة في الكتابة الإبداعية. في المجالات الثلاثة نوع من التداخل والتشابك. فالتعليم يعني التشارك والتبادل والتعلّم، لذا لجوزف قدرة على مواكبة تحوّلات الزمن والحفاظ على مستوى معيّن.
في 2004، تأسست فرقة Spasm Band. حينها، كانت الكتابة السبيل الوحيد للتعبير بالنسبة إلى جوزف. لاحقاً، أدرك غنائية أشعاره، فكانت الفرقة وسيلة لتحويل كتاباته إلى موسيقى. آخر ألبوم أصدره مع الفرقة حمل عنوان Rubber Orchestras في2011، واسمه يذكّر بشعر سوريالي للأميريكي تيد جونز. انطبع بالسوريالية وكذلك بالأسلوب الـ«سايكاديليك»، ما جعله من أكثر أعماله فرادة وراديكالية. التاريخ والمجتمع الكاريبي حاضران بقوة فيه، كما يتضمّن أشعاراً داكنة، في قالب جازيّ.
بعد أربعة أعمال ضمن فرقته، حان الوقت بالنسبة إلى جوزف للانتقال إلى شيء مختلف. فكان التعاون مع عازفة الباص والمؤلفة الأميركية ميشيل نديجيوتشيلو التي عملت معه على إنتاج ألبومه الخامس «تايم» (2013). اللقاء مع ميشيل كان مرحلة جديدة. صحيح أنّ أسلوب جوزف بقي نفسه في الألبوم المنفرد، إلا أنّ التركيز الأكبر هذه المرّة كان على الشعر المحكي. في الألبوم أيضاً، لجوء إلى موسيقى الـ«رابسو» التي برزت في سبعينيات القرن المنصرم في ترينيداد، وهي نوع من الراب يعتمد على الإيقاعات وعلى النقد الاجتماعي. مثلاً، تتحدث أغنية «كيزي» التي يتضمنها الألبوم عن مشكلات المجمتع في ترينيداد حالياً. هو نوع من النمط المتناقض الذي يتضمّن مواضيع جدية مرافقة بإيقاعات راقصة. تطوّر أسلوب أنطوني جوزف عبر السنين. ففي بداياته، كانت المقاربة التي يتبعها في أعماله تميل إلى الشعر.
شيئاً فشيئاً، أدخل الغناء إلى مقطوعاته. الشعر والموسيقى لا يتجزآن بالنسبة إليه. فهذه النصوص التي يكتبها بحاجة، في نظره، إلى أن تكون مقطّعة ومغناة، ومؤداة وفق لحن أو إيقاع معين. الكلام المحكي الذي يسيطر على معظم المقطوعات لا يعني أنّ التركيز على الكلام يجري على حساب اللحن والحسّ الموسيقي، بل على العكس. ففي أغنياته توازن دائم بين اللحن والشعر.

* الليلة 21:00 في «ميوزيكهول» (ستاركو ــ وسط بيروت). للاستعلام: 01/999666