دمشق | في سابقة لافتة، اعتذر وزير المال السوري إسماعيل إسماعيل للناس علناً عبر إذاعة «شام إف إم» قبل يومين. جاء ذلك إثر استياء شعبي من تصريح أدلى به لشبكة «دمشق الآن» على الفايسبوك. يومها، دعا الوزير المواطن إلى ضرورة التقشّف، وليس فقط إلى الترشيد والتقنين في ظل الحرب. الموقع الأزرق كان المنبر الرئيسي في حفلة الاستياء الجماعي، حيث عبّر الجميع عن السخط والغضب من مصطلح «تقشّف» في وقت يلهث فيه المواطن لتأمين الحدّ الأدنى من حاجاته.
هذا في حال توافرها أولاً، والقدرة على مواكبة غلائها الهائل ثانياً. آخرون دعوا الفريق الحكومي إلى البدء بنفسه والتخلّص من مواكب السيارات. الوزير لم يكتفِ بتكرار الاعتذار بسبب «سوء فهم» كلامه، بل دعا أيّ مواطن إلى زيارة منزله والاطّلاع على عدد السيارات التي يملكها. كما كشف أنّ منزله تهدّم، وحُرقت عيادة ابنه خلال الأحداث. اللافت أنّ العديد من المتابعين قابلوا الاعتذار بإيجابية وإبتهاج، مستغربين السلوك الرسمي غير المعتاد. الإعلامية صفاء مكنّا التي حاورت الوزير على أثير الإذاعة المحلية، كتبت على صفحتها «لا أذكر منذ أن وعيت على هذه الدنيا أنّ مسؤولاً سورياً اعتذر من الناس، ولا أعتقد أنّ أمراً مشابهاً حصل. اليوم في لقاء على «شام إف إم»، يقدّم وزير اعتذاراً للمواطنين على كلمة قالها: تقشّف».
استياء شعبي على الموقع دفع وزير المال إلى الاعتذار!

من جانبه، أبدى «بطل الفايسبوك الأول» وزير الكهرباء عماد خميس رحابة صدر وتقبّلاً لآراء منتقديه. وأكّد في لقاء على قناة «تلاقي» الرسمية أنّه لا ينزعج من الشتائم الكثيرة التي تطاله على السوشال ميديا. هكذا، يحضر الفايسبوك في الفعل وفي آثاره حتى النهاية. لقد بات «برلمان» السوريين الذي يوصل أصواتهم واعتراضاتهم، بعيداً عن عقم البرلمان الفعلي (ناهيك باحتضان الموالين والمعارضين بشتى درجاتهم). صندوق شكاوى ينتزع اعتذارات معنوية من دون منّة من أحد. اللافت أيضاً أنّ هناك من يتابع ويرد.
المبادرة إلى الاعتذار لم تأتِ من فراغ بالتأكيد. السؤال المؤلم: إذا كانت الاستجابة الشفهية غير المقترنة بأيّ فعل قادرة على التنفيس وامتصاص الموجات بعض الشيء، فهل كنّا سنهوي إلى هذا الدرك لو حصل المثل «آنذاك»؟