ما فعلته مؤسسة «الوعد الصادق» أخيراً لا يخطر في بال أحد. رغم أنها تطرح نفسها كداعمة فاعلة في مجال العمل الإنساني والإغاثي التطوعي في سوريا، إلا أنها اختارت الحذاء العسكري ليكون شعار حملة إعلانية ضخمة بعنوان «لنداوي جراحكن» تُخبر عن نشاطها في مداواة جرحى الحرب، رغم أن الإعلان التعريفي عن الجمعية على صفحتها على فايسبوك يوضح أهدافها الانسانية ويضيف بكلام إنشائي، مخاطباً الجيش السوري: «اليوم ترفع شموخ الأرض ذاكرة خطاكم، ونصافح بياض الغد بأياديكم التي بددت سواد الموت، جراحكم مسارب أمل ومنابع فخر».
لكن عندما قررت أن تخاطب الجمهور على أوسع نطاق، اختارت اللوحات الطرقية وسيلة لها، ونشرت إعلانها بكثافة في شوارع غالبية المحافظات على رأسها دمشق. ظهر الحذاء العسكري محتلاً مواقف الباصات ووسائل النقل العامة، بينما كتب فوقه «لنداوي جراحكن»، وفي أسفل الإعلان يظهر اسم «مؤسسة الوعد الصادق» في موازاة العلم السوري. سرعان ما أثارت الحملة استياء المواطنين لا المعارضين فحسب، بل أيضاً المؤيدون ممن عبرّوا عن نفورهم من الفكرة الغريبة وتساءلوا عن جوهر العلاقة بين الجراح والحذاء العسكري الذي اتخذته المؤسسة المقربة من النظام رمزاً لها. وسرعان ما أسّس معارضون صفحة تحمل عنوان الحملة، وراحوا يجربون السخرية، إلا أن الخطاب انحدر إلى عنصرية مبتذلة تعتمد على الشتائم البذيئة. لكن وسائل إعلامية عادت إلى صور تظاهرات خرجت تحمل الحذاء العسكري، وذكّرت حين دشن محافظ اللاذقية إبراهيم خضر السالم وأمين فرع الحزب محمد الشريتح نصباً تذكارياً للحذاء العسكري على مدخل المدينة الساحلية. أما عن حملة «نداوي جراحكن»، فتقول رئيسة مجلس أمناء مؤسسة «الوعد الصادق» ريم سليمان في اتصال مع «الأخبار»: «منذ أكثر من عام قدمنا مساعدة لأكثر من 5000 جريح وأجرينا حوالى 1722 عملية جراحية ولم نطلق أي إعلان خلال الفترة الماضية. ثم أقمنا فعالية صغيرة وقررنا أن نطلق إعلاننا الأول». لكن ماذا عن الانتقادات التي وجِّهت إلى الحملة بسبب استخدام الحذاء؟ ترد:«هؤلاء مجموعة من المغرضين». وماذا عن المؤيدين للنظام أو الأشخاص البعيدين من السياسة الذين لم يتوانوا عن انتقاد الحملة؟ تجيب: «أول من انتقدها كان فيصل القاسم بهدف مغرض. وعلى العموم، كل مؤسسة يطاولها النقد يعني أنها تبذل جهداً مهماً». وعندما نسأل عن الرابط بين العمل الخيري الإنساني في مداواة الجرحى وبين «البوط» العسكري، يأتينا الجواب الغريب: «البوط العسكري على رأسنا وعلى رأس كل سوري، وهو رمز للشجاعة والبطولة، وما فعلناه هو أقل شيء يمكن أن يقدم للجندي الذي يشرفنا من حذائه حتى خوذته».
يبدو الأمر واضحاً لا مناقشة فيه. هناك ذهنية كاملة لا يبدو أنّها تعلّمت قليلاً من المأساة التي تلف سوريا منذ أكثر من ثلاث سنوات. والمؤسسات الرسمية لا توفر صغيرة ولا كبيرة لاستفزاز من بقي من السوريين في بلادهم. هذا ما يفعله الإعلان الذي كأنما يريد أن يقول للكل بأنّ الحذاء العسكري يحكمكم.
4 تعليق
التعليقات
-
هو هيدي ثقافه الاحذيه مشكلههو هيدي ثقافه الاحذيه مشكله بحد ذاتها... لشو المبالغه... عن جد شيء منفر يحطو وردة يحطو علامه من علامات الامل ... يا خيي يحطو طبعه خطوات بطريقه فنيه مش خبط لزق صرمايه...
-
وسام كنعانالبوط العسكري الذي يدوس رقاب داعش والنصرة وكافة المخربين والارهابيين هو المنقذ الوحيد من الفوضى والدمار ، وقد بات رمزا لأعادة الاستقرار والأمان .. وبدونه أي بدون الجيش ستنتصر الفوضى والجاهلية ، وبدونه لا مجال لمداواة الجراح .. والعكس صحيح أي مع وجوده سيكون ممكنا مداواة الجراح ... هذه هي الفكرة ،لكنها معقدة قليلا على البعض .أو انها تستدعي الاستنتاجات العاطفية المتطرفة من جهتي النزاع ،كالقول بأن البوط العسكري على راسنا وراس كل سوري ،أو كالاستنتاج الذي أدلى به كاتب التحقيق بأن النظام كأنما يقول بأن الحذاءالعسكري يحكمكم .مع أنه من الواضح ان لا علاقة للنظام بهذا الاعلان، بل يعبر بصدق عن رأي الكثيرين . والواضح ايضا أن الكاتب اختصر واختزل حديثه الهاتفي لينتقي العبارةالأكثر استفزازا لرأيه الخاص المناقض تماما ويطرحها كداعم لرأيه.
-
آه يا بلدي !يجب تجميع كل هبل وشعارات المعارضة والموالاة وداعش والنصرة في مجلد يحمل عنوان "طرائف من أزمة سوريا"، ليتم نشرها جميعاً ... ولكن بعد نهاية الأزمة، وليس الآن. من "حرية" المعارضات ومثالياتهم المريضة وخيالهم الخصب في أن سوريا ستتحول إلى سويسرا (تماماً بسهولة تغيير بعض الأحرف بين الإسمين) ... إلى "بوط" الموالاة الذي سنشهد قريباً ربما فتح ماركة جديدة تحمل ذات الاسم لكل شيء يمكن أن يخطر على بال الناس، من مساكن إلى سيارات إلى منتوجات غذائية إلى فنادق، سلسلة البوط العسكري ... ربما سيكون البوط شعاراً لمحاربة وعلاج سرطان الثدي قريباً، مع شريطة زهرية تدل على المناسبة! كل شيء وارد! إلى داعش والنصرة وهوسها المرضي بكل ما يتعلق بالأنثى، من صوتها لملبسها لتحجيبها لاغتصابها وسبيها وبيعها ونهاية قتلها، وكأنّ الجاهلية الأولى عادت وعدنا نوأد بناتنا في رمل الصحاري خشية العار والذل اللذان يجلباه علينا تلك النسوة! غير الوعود الأرضية بسبي نساء كل من يخالفهم، والوعود السماوية بأن لهم أعداد لا تحصى من الحوريات تنتظرهم في جنان الخلد. أجزم أن هذا الكتاب الجامع لكل الشعارات التي تم إفرازها في هذه الأزمة ومن كل الأطراف، سيحصد عدد فلكي في المبيعات والأرباح! الشرط المهم فيه أن يكون موضوعي وحقيقي وناقل وموثق للواقع والتاريخ كما حدث، لا كما يهوى ويحب أن يكون حسب تحليل هنا أو رأي هناك. وكل بوط وأنتم بخير! وتصبحوا على بوط!
-
أتذكر أن خالد تاجا طلب مرةأتذكر أن خالد تاجا طلب مرة حذاء الشهيد عماد مغنية من السيد حسن . لأن حذاء من يدافع عن الوطن يشرف أكبر شخص. ولكن كما عودنا الكاتب ومعارضته لكل شيء يخص الجيش السوري مع أنه يحاول الإيحاء بالحيادية .