تُعرف حلب بأنّها عاصمة الطرب الأصيل في الوطن العربي، حتى أنّ المهتمين بالموسيقى يحكون كيف كانت تُختبر المواهب السورية الناشئة عبر إرسالها لإحياء حفلة هناك. فإذا استمتع الجمهور وأُطرب، اعتبر ذلك بمثابة جواز عبور أكيد للضيف، أما في حال حصل العكس، فذلك يعني أنّه لا أمل مبدئياً من استمرار هذه الموهبة.
لهذه الأسباب لم تتوقف «عاصمة الشمال السوري» عن الحياة رغم حصارها بالموت، والوضع الخدمي المتردّي فيها، وظروفها الاقتصادية المتدهورة. أحدث الخطوات التي تثبت استمرارها في الحياة، كانت مسابقة The Voice Aleppo التي اختُتمت أخيراً على مسرح «دار التربية» بمشاركة لجنة التحكيم المؤلفة من غابي شابو، وشادي نجار، ولوسين جامكوجيان، ومهير ميناسيان. مشروع نُفّذ بناءً على اقتراح قدّمه أحد الموهوبين للأب جوزف بزوزو لإطلاق هذا البرنامج ليكون بمثابة فسحة أمل وخطوة أولى لمن يود احتراف الغناء.
حلّ
عبود آغوب في المرتبة الأولى

هكذا، لجأ الأب إلى وديع سعود وإيلي رهجة لخبرتهما في تنظيم المهرجانات والفعاليات المحلية، قبل أن يُعلن البرنامج الذي استقطب 35 مشتركاً رُفض منهم خمسة فقط، بعد إعلان المشروع على نطاق ضيّق عبر صفحة على فايسبوك، وبعض البوسترات التي وُزّعت في مطاعم حلبية عدّة. ولم يشمل الإعلان كل أرجاء المدينة، وفق ما يقول منظم البرنامج وديع سعود لـ«الأخبار». أما عن الظرف الأمني وخطورة التجمّعات في مثل هذه الحالة، فيؤكد أنّه «لم نعد نهتم للظرف الأمني، لأنّ الخطر بات واحداً من تفاصيل حياتنا اليومية، وقد اعتدنا عليه من دون أن نُسقط حقنا في التقاط لحظات فرح ولو عابرة. وهذا لا يتناقض مع رغبتنا بعودة السلام»، مضيفاً: «عموماً ربّما نكون المحافظة الوحيدة التي تتبنى مثل هذه المشاريع الترفيهية بمجهود ومبادرات فردية».
لكن ألا تستحق مثل هذه الفكرة التي تولد في زمن الموت التسويق الإعلامي اللازم ليأخذ المشتركون والمنظمون قسطاً كافياً من الرواج؟ يردّ سعود قائلاً: «في البداية كنا خائفين من إعلان الموضوع على نطاق واسع، تحسباً لأي طارئ قد يصيب الجمهور أو أحد المشتركين. حصل الأمر تدريجياً بدءاً من دخول إذاعة «أرابيسك» كداعم إعلامي للفائز وبث أغنيته عبر أثيرها، وصولاً إلى دعم الملحن فادي مارديني والموزّع فادي جيجي، وتبرّعهما بإنجاز أغنية للفائز على مستوى لائق، إضافة إلى طلب من برنامج «سما كافيه» على قناة «سما» لتسجيل حلقة خاصة عن البرنامج واستضافة المنظمين والفائزين».
من جانب آخر، يكشف منظّم المسابقة عن دعوة القائمين على الحدث ضيوفاً خاصين من بينهم أحد المشاركين في برنامج البحث عن المواهب The Voice، عمّار شماع، والمغني الحلبي مصطفى هلال، والممثل السوري غسان مكانسي، إضافة إلى خضوع المشتركين لتدريبات على يد المغني الأوبرالي فراس بيطار. علماً بأنّ الأخير سافر من دمشق خصيصاً لهذه المهمة، فضلاً عن بث شريط مصوّر في الحلقة الأخيرة يُظهر مجموعة من النجوم السوريين وهم يعبّرون عن دعمهم للتجربة.
في وقت أُعلن فوز عبود آغوب بالجائزة الأولى، كانت اللجنة المنظمة تعد بتحضير موسم جديد بنسخة معدلة وأوسع انتشاراً، على أن يكون الموسم الجديد خطوة نحو مزيد من الاحترافية، إضافة إلى كونه استراحة قصيرة من عبء الحرب.