لا يمكن لأيٍ كان نسيان الجميلة مريم فخر الدين. الحسناء المصرية التي زيّنت صورتها أكثر من 240 عملاً كانت واحدةً من "رموز" السينما المصرية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. كانت نجمةً من نجوم العصر الذهبي: عصر فاتن حمامة، ناديا لطفي، سعاد حسني، شادية، لبنى عبد العزيز، وماجدة. إنها واحدةٌ من أكثر النجمات المصريات المحبوبات في سني عمرها الأولى: الأرستقراطية الجميلة ذات الملامح الغربية، الحبيبة المرغوبة التي لا يمكن الوصول إليها، والعاشقة المغلوبة على أمرها.
لم يأت نجاح مريم عبثياً. كانت قد فازت بجائزة أجمل وجه في مسابقة مجلة "إيماج" الفرنسية، ما أعطاها فرصة الظهور في أوّل أفلامها عام 1951 وهو "ليلة غرام". كما أنّ النجاح نفسه، لم يكن بلا ثمن، هي التي قالت يوماً (مقابلة نشرت في مجلة «الكواكب» عام 1962) إنّها تعيش في قفصٍ من ذهب. إنّها الحياة "الفنية" التي تجبرها على أن يكون كل شيءٍ بحساب. استغلت السينما المصرية ملامح مريم الأوروبية فدفعتها إلى الأدوار الرومانسية أكثر من أيِ شيءٍ آخر، فكانت تلك الأفلام بوابتها إلى قلوب عشاق السينما. وإذا تحدّثنا عن هذه المرحلة من حياة مريم، لا يمكن نسيان أحد أهم الأفلام العاطفية التي طبعت تلك المرحلة: "رد قلبي" (1957 ـ إخراج عز الدين ذو الفقار) عن قصة الكاتب الكبير يوسف السباعي الذي يتحدث بوضوح عن علاقة حب تجمع بين شاب فقير (شكري سرحان) بأميرة حسناء. فضلاً عن كونه قصة عاطفية، كان هذا العمل "صرخة" في وجه الطبقات الاجتماعية وتسلطها. يشير سامح عبد الفتاح في كتابه "كلاسيكيات السينما المصرية في الميزان" إلى أنَّ دور مريم فخر الدين في الفيلم جعلها أقرب إلى "الحلم" و"الفتاة المشتهاة" لدى جيلٍ بكامله من المصريين والعرب. في الإطار عينه، لا يمكن نسيان دورها في فيلم "لا أنام" (1957 ـ إخراج صلاح أبو سيف) عن قصة الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس مع نجومٍ كبار هم فاتن حمامة، وعمر الشريف، ويحيى شاهين وعماد حمدي. أدّت في العمل دور زوجة الأب الطيبة التي تتعامل مع ابنة الزوج الشريرة (فاتن حمامة) ضمن فكرةٍ كانت شديدة الحداثة بعدما اعتدنا دائماً على أن تكون زوجة الأب هي الشريرة والمتسلطة مع الابنة الطيبة والمسكينة.
وحالما شارفت على الأربعين، انتقلت فخر الدين إلى أدوارٍ من نوعٍ آخر. أصبحت تؤدي أدوار الأم أبرزها دور والدة ناهد في فيلم "بئر الحرمان" (1969 ــ اخراج كمال الشيخ) للنجمة سعاد حسني مع كوكبة من النجوم مثل نور الشريف، ومحمود المليجي. امتازت مريم فخر الدين بحسب أغلب من تعاملت معهم بالحرفية الشديدة وسرعة انسجامها في دورها وفق ما أشار مرةً المخرج صلاح أبو سيف، وظلت تتمتع بذاكرة قوية وقدرة على حفظ دورها رغم تقدّمها في السن.