بدعوتها حلفاء الحرب ضد «داعش» إلى توسيع حملتهم ضد التنظيم لتشمل النشاط الافتراضي، لا تدرك الولايات المتحدة أنّها تعزز بذلك قبضة دول الخليج، خصوصاً في مجال الرقابة على الانترنت والزج بمئات النشطاء في السجون بتهمة الحرب على الإرهاب، بمباركة دولية هذه المرة.القوانين والأحكام الصادرة في الخليج هذه الأيام تبرهن حماس السلطات في تصدّر منظومة دول التحالف ضد «الدولة الإسلامية». قلما يهم ما إذا كانت أنظمتها هي الحاضنة الأولى ومصدر التمويل المادي والايدولوجي للتطرف في المنطقة والعالم. ما يهم هو نجاحها ــ عبر تلك الحرب الطاحنة ــ في تدمير أية بنية يعتمدها النشطاء والمدونون مساحة للحرية والتغيير في الفضاء الافتراضي. فور إعلان اعتقال الناشطة والمحامية السعودية سعاد الشمري الثلاثاء الماضي وإيداعها سجن النساء في بريمان في جدة (غرب السعودية)، خرج استطلاع للرأي في أحد المنتديات السعودية يطرح سؤالاً: هل تؤيد أم تعارض صدور حكم «القتل» على سعاد الشمري؟ سؤال كشف عن عمق الانقسام الحاصل في الشارع الافتراضي السعودي إزاء الحقوقية المثيرة للجدل.

مصادر إعلامية قريبة من السلطة أكّدت توقيف الشمري، بدعوى «تطاولها» على الإسلام في تغريدة كتبتها قبل عام تقول فيها: «من أغبى الأقوال أن تربية اللحية مخالفة للمشركين. مشركو الماضي والحاضر؛ اليهود والكهنوت والشيوعيون الماركسيون بلحى. أبو جهل لحيته أطول من لحية الرسول».
وكانت الشمري قد نشرت سلسلة تغريدات في 30 تشرين الأول (أكتوبر) عبر حسابها الخاص تناولت فيه قضية شقيقتين تدعيان فوزية ومنيرة، سجنتهما شرطة الهيئة الدينية بتهمة الخلوة مع سائق أجرة. وبينما أُفرج عن سائق الأجرة في اليوم نفسه، أصرّت السلطات على احتجاز النسوة، ورفضت كفالة للإفراج عنهما. وقالت الشمري إنّهما لا تزالان في التوقيف منذ شهر في سجن بريمان. وهاجمت الناشطة السعودية في تغريداتها وزير الداخلية الذي يقرر «منع المرأة من قيادة السيارة؛ فيما يسمح لأجهزة الأمن باعتقال النساء حين ينتقلن لقضاء حاجاتهن اليومية مع سائق أجنبي»، كاشفة عن إحصائية جديدة تقول بأنّ 50% من الحالات في سجن بريمان دخلت المعتقل للسبب نفسه. كذلك هاجمت الشمري رئيس الهيئة عبد اللطيف آل الشيخ، وتساءلت عن القرار الذي استند إليه حين سمح لمنْ وصفتهم بـ «الشبيحة» بالهجوم والقبض على نساء سعوديات من دون حق. أصبح خبر اعتقال الشمري كأول مغرّدة تدخل السجن الأكثر تداولاً لدى النشطاء السعوديين الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض لهذا الفعل. وفي وقت تخصصه نائبة مؤسس موقع «الليبراليون السعوديون» للحديث عن حقوق المرأة والمقموعين في المملكة، لا تنسى رفيق نشاطها الأول رائف بدوي مدير الموقع الذي اعتقل بسببه (أُغلق لاحقاً)، وهو ينتظر هذه الأيام تنفيذ حكم قضائي بسجنه لمدة 10 سنوات وغرامة مليون ريال سعودي و1000 جلدة، ومنعه من السفر لمدة 10 سنوات ومنعه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية في السعودية.
بدوي اعتقل عام 2012 بسبب نشاطه في مجال حقوق الانسان وتأسيسه لموقع «الليبراليون السعوديون» واتهم أيضاً بالإساءة للدين والهيئة، وهي التهمة نفسها التي تحاكم عليها الشمري هذه الأيام!