«نساء بلا رجال» لشيرين نشْأت الذي سيعرض بعد غد في «دائرة الفنون الجميلة وتاريخها» في الجامعة الأميركية في بيروت، يتناول حيوات أربع نساء تتداخل في صيف إيران 1953 إثر تسلم محمد مصدق الحكومة عام 1951 وقراره بتأميم النفط الذي تبعه انقلاب عسكري مدعوم من المخابرات البريطانية والأميركية (سي أي إيه) لدعم الشاه والقضاء على حكومة مصدق والتظاهرات الشعبية التي خرجت تؤيده.
كانت النتيجة محاكمة مصدق وإصدار الشاه القرار بإعدامه، ثم خفف الحكم بعدها إلى الحبس لثلاث سنوات. يرى بعضهم أنّ هذه الحادثة علامة فاصلة في تاريخ إيران السياسي وأحد مسببات قيام الثورة الإسلامية لاحقاً، بما أدت إليه من قمع للحريات والوضع الحالي الراهن في إيران. الشريط المقتبس عن رواية للإيرانية شاهرنوش بارسيبور والحائز جائزة الأسد الفضي في «مهرجان البندقية السينمائي» هو الفيلم الروائي الأول الطويل للمخرجة. لا تبتعد شيرين نشْأت عن اهتمامها بالعالم النسائي الذي تصوّره أعمالها الفوتوغرافية كسلسلة «نساء الله» أو تجهيزات الفيديو كـ«المضطربة». لكنها تنطلق من المنحى التجريبي الذي يميز أعمالها لتنسج سردها الروائي. تمزج بين الشاعرية والسوريالية في أحيان أخرى، لترسم بورتريهاً لأربع نساء من خلفيات اجتماعية مختلفة في طهران الخمسينيات. ميونز شابة ليبرالية مؤيدة لحكومة مصدق تحلم بالحرية والهرب من قمع أخيها. فايزة متدينة وأكثر تقليدية وخضوعاً للقوانين، وفخري في منتصف العمر تقرر هجر زوجها الذي يريد الزواج بأخرى لأنها باتت عجوزاً ولم تعد قادرة على تلبية حاجاته الجنسية كما يقول هو.
فيلمها الجديد عن سيرة
أم كلثوم
أما الرابعة، فهي زارن، مومس تفرّ من بيت الدعارة حيث تعمل. الفيلم الذي يبدأ بمشهد الانتحار البطيء لميونز الذي يود أخوها تزويجها بالقوة، يعود بالزمن ليروي ما سبق ذلك من أحداث.
يعود شبح ميونز ليأخذ معه الشخصيات والفيلم إلى عالم بغرابة الحلم، حيث يمتزج الواقع بالخيال والحاضر بالماضي. تعتمد المخرجة في لغتها السينمائية على الرمزية لتجسيد صراعات النساء الصامتة، أو عالمهن الداخلي، كما النهر الذي يتكرر في الفيلم، أو الحديقة السرية التي تجتمع فيها النساء في النهاية. تمزج نشْأت في أسلوبها بين مدارس سينمائية عدة، فيبدو جلياً تأثرها بالموجة الجديدة في السينما الإيرانية كمخملباف أو كياروستامي، لكنها أيضاً تقترب في الإيقاع السينمائي من سينما تاركوفسكي. كذلك، سوريالية بعض المشاهد قد تذكّر بلويس بونويل. من جهة أخرى، تعكس الألوان الباهتة للصورة جمالية خاصة تشبه الحلم وعالم اللاوعي الذي تغرق فيه الشخصيات. شيرين نشْأت تنكبّ حالياً على فيلمها الروائي الثاني الذي يتناول حياة أم كلثوم.



«نساء بلا رجال»: 28:30 مساء الأربعاء 5 نوفمبر ــ «الجامعة الأميركية في بيروت».