قلنا إنّ مسلسل «سمرا» (تأليف كلوديا مارشيليان، وإخراج رشا شربتجي ــ الأخبار 13/1/2016) يستفيد بقصّته من شخصية «فضّة» التي قدّمتها النجمة أمل عرفة في تسعينيات القرن الماضي في مسلسل «خان الحرير»، فلم يرق صنّاع العمل ما قلناه، رغم أن المسلسل لا يستوحي من «فضة» فقط، بل يقدم نسخة معدلة قليلاً عن المسلسل المكسيكي «كاساندرا» الذي تحوّل إلى ظاهرة في الوطن العربي عندما عرض مدبلجاً على الفضائيات. اللافت أنّ المسلسل لا يقف فقط عند حدود الصورة التجميلية والمعقّمة عن الغجر
وأشكالهم وابتساماتهم الهوليودية الناصعة البياض وطريقة تفكيرهم، بل إنّه يقحم أيضاً بعض الكليشيهات بغية استجداء التعاطف. مثلاً، نشاهد الغجرية سمرا (نادين نسيب نجيم) تعطي الطبيب المصري (أحمد فهمي) 20 ألف ليرة لبنانية وتطلب منه التبرّع بها لأي طفلة سورية في المخيمات! في مقابل ذلك، كان علينا تحمّل عناء الكذب المبالغ به، والتزوير الواضح لأحوال السوريين النازحين في لبنان عندما نتابع الطبيب السوري (محمد حداقي) يشكو أوضاعه المالية السيئة واقتراب نفاد رصيده، من دون قدرة على مزاولة مهنته في لبنان.
نازح مديون في بيت أقرب إلى فيلّا فاخرة!
ومن ثم نعود لنشاهده يسكن مع عائلته في بيت أقرب إلى فيلا فاخرة يمكن لفرشها أن يحلّ بشكل جزئي مشكلة مخيّم صغير! بعد ذلك، يصل الاستعراض إلى ذروة منفّرة عندما يقرر الطبيب الارتباط بزميلته المصرية، ويناقش والده أمر سكنه، ثم يخبره بأنه سيسكن في منزل صديق سوري له هاجر إلى ألمانيا، لكنّه دفع إيجار منزله لمدة عام كامل. وعند انتقال الطبيب المهجّر إلى عش الزوجية، نفاجأ بأنه بيت يحمل كلّ مقومّات الأبهة. ولا يمكن لرجل أعمال ميسور أن يغامر بدفع أجرته سلفاً عاماً كاملاً، فكيف إذا كان مجرّد نازح تعيش بلاده تحت وطأة حرب مسعورة؟! الغريب أن المخرجة هي ذاتها من اشتبكت مع الواقع الأليم للمسحوقين في «غزلان في غابة الذئاب» لفؤاد حميرة و«الولادة من الخاصرة» لسامر رضوان.
عموماً، يعيش في لبنان أكثر من مليون ونصف مليون سوري. وبحسب تقاطع جميع التقارير الحقوقية والإعلامية، فإن غالبيتهم يعيشون تحت خط الفقر، عدا عن المسحوقين في المخيمات. لذا، من غير المقبول أن تقدم صورة كاذبة عن هؤلاء خلافاً للواقع ورغبة في تسوّل شريحة معينة من المشاهدين، وتطبيقاً لنظرية بائدة تقول بأن المشهد تزداد إثارته كلّما كان ديكوره ثميناً.
يتاح لصنّاع الدراما التي تقدّم حسب الطلب، أن يصيغوا أعمالهم بالمزاج الذي يختارونه مهما كان إيقاعهم مجافياً للواقع، لكن لا يحق لهم أن يهينوا معاناة شعب بأكمله بسبب سذاجة رؤيتهم وسعيهم الحثيث لاسترضاء المحطات التي تعرض أعمالهم!

«سمرا» من الاثنين إلى الخميس 20:30 بتوقيت بيروت على «المستقبل» الأرضية