..ولا ترأفوا بي!
أنتم الذين تُدَبِّرون أحوالَ هذا الكوكب
وتسهرون على صيانةِ مقابره وظلماته...
أنتم الأقوياءَ، القادرين، المحنّكين، أسيادَ الحقيقة والحقّ:
لأنكم ما أنتم عليه...
لأنكم لستم إلا ما أنتم عليه،
فإذن، ارأفوا بالناسِ وأولادِ الناس!
ارأفوا بالأولاد وأولادهم ومَن سوف يولدون!
وإذا كان لا بدّ من ضحيةٍ... فلا ترأفوا بي!
فأنا اعتدتُ على ما سمّيتُموه حياتي...

اعتدتُ على هذا الليل، ومآتمِ هذا الليل
حتى لم يعد قلبي يتنفّسُ إلا هُبابَ المقابر
وعينايَ لم تعودا تذرفان إلا
ظلاماً مالحاً .. ودموعاً سوداء.
7/5/2014

عزاء القاتل

منذ الآن أُشفِقُ على قاتلي:
غداً ستنتهي الحرب.
غداً... انتهت الحرب.
والقاتلُ (القاتلُ الذي صار عجوزاً وظلّ قاتلاً)
يجلسُ وحيداً في مرآةِ نفسه، ويتذكّر الذين صَيَّرَهم أمواتاً.
يتذكّرُ ما حلَّ بقلوب أمهاتهم...
يتذكّرُ ويقول:
«آه لو يمكن للحياة أن تُكتَبَ بطريقةٍ أخرى!».
....
ولأنه وحيدٌ وعجوزٌ وفي حاجةٍ إلى التعزية،
لأنّ روحه معصورةٌ بكوابيسها، وقلبَهُ مليءٌ بحشرجات الموتى وعويلِ الثكالى...
لا يجدُ ما يتعزّى به
غيرَ التفكير في أنّ الأمهاتِ قد مُتْنَ أيضاً
ولم يعد ثمة على الأرض مَن يتعذّبُ... ويُعَذِّب.
7/5/2014