في إطار مهرجان «أرصفة زقاق»، نظمت الفرقة اللبنانية منتدى فنياً فكرياً بعنوان «المسرح كسياسة ما بعد الخطاب» بمشاركة خبراء من لبنان وسوريا ومصر والمملكة المتحدة. المنتدى الذي يستمر حتى 11 من تشرين الأول الجاري، يتخلله عرض مسرحي (سعادة عائلة صغيرة) وورشات عمل وحلقة نقاش حول الموت والمسرح، بالإضافة الى مؤتمر «المسرح كسياسة ما بعد الخطاب».
استضاف الأخير نائب مدير «مهرجان أفينيون» بول روندان، والمخرج عمر أبي عازار من فرقة «زقاق» الذي لعب دور الميسر والمتحدّث معاً. تمحور المؤتمر حول طرح المنظور السياسي للمسرح بشكل عام، وللممارسات المسرحية الفعلية لـ«مهرجان أفينيون» من خلال البرمجة. هذا المهرجان الفرنسي الذي احتفى بعامه الـ 68، يعتبر أبا المسرح الشعبي الذي يضطلع بمسؤولية اجتماعية وسياسية بدأت مع مؤسسه جان فيلار عام ١٩٤٧. وقد ركز روندان على أهمية القصة والنص اليوم: القصة أو السرد هما الأساس في المسرح، والسياسة بالنسبة إليه تكمن في تجمع مجموعة من الناس حول قصة، حول نص. «مفهوم الالتقاء حول كلمة أو عبارة اخترتُها كمسرحي هو سلوك عالمي جامع. أما الأشكال فليست بذلك». كذلك، فمجرد استقطاب جماهير جديدة غير معنية بالمسرح وإشراكها في عمل ما وبناء علاقة نديّة معها بحيث لا يطغى فريق على آخر هو فعل سياسي. وهنا تحدث روندان عن تجربة قام بها مع مجموعة من الشباب المتسربين مدرسياً. المسرح يمثّل الحضارات. كل الحضارات. لذا كان ضرورياً أن يلتفت المهرجان منذ عام ٢٠٠٠ في برمجته الى أنحاء من العالم «لا نعرف عنها شيئاً كأوروبيين». كانت المفارقة تنظيم مهرجان «الربيع العربي في الأوديون عام ٢٠٠٨»، ما أتاح فرصة للتعارف والحوار بعيداً عن السعي لإعجاب الجمهور الغربي.
تحدث روندان عن الدور الذي لعبه المخرج أوليفييه بي الذي يتولى إدارة مسرح الـ«أوديون» منذ ١٩٩٧ وتولى أخيراً إدارة «أفينيون»: هذا الرجل غيّر وجهة المهرجان من مهرجان يركز على الشكل والبصريات والجماليات، الى آخر يركز على النص والفكر.
تعمل «زقاق» على
عرض يتمحور حول الموت والخلود

هذا الرجل الملتزم إنسانياً وسياسياً كفرد لم يتوان عن رفع العلم الفلسطيني واستضافة المعارضة السورية في مسرح الـ«أوديون». وبذلك تخطى المسرح الخطاب السياسي العام. لم تلبّ تلك الجلسة جوعنا لمناقشة عنوان المؤتمر «المسرح كخطاب ما بعد السياسة» بسبب عاملين: ضيق الوقت، وغياب الميسّر الذي يجيد تنظيم المحاور. لا شك في أنّ لدى عمر أبي عازار وبول روندان الكثير لقوله حول الموضوع، إلا أن ذلك لم يكن واضحاً بسبب غياب محاور واضحة للنقاش. في هذا الأسبوع أيضاً، سيتم تقديم جلسة نقاش حول الموت والمسرح اليوم وغداً في فضاء «دواوين». وقد تحدث جنيد سري الدين عن سبب اختيار تيمة «الموت والمسرح» التي تبدو ضرورة ملحة «بعدما اجتازت الممارسات الإعلامية والسياسية كل الحدود في التعاطي مع قيمتي الحياة والموت».
موضوع الموت يشكل أيضاً جزءاً من بحث فرقة «زقاق» خلال تحضيرها لعرضها الجديد الذي يتمحور حول مفهومي الموت والخلود في المجتمع المعاصر بحيث لا يخلّد المرء إلا إذا مات بشكل متشظّ. قيمة الحياة باتت مفقودة نتيجة هذا التعامل اليومي مع الموت. الموت العادي لم يعد موجوداً: بتنا إما نموت في انفجارات، أو في مجازر أو حوادث سير مفجعة، حتى العُجّز أصبحوا يخضعون لموت ذهني وهم يخضعون لحُقن بدافع إحياء جثتهم. من هنا، مات مفهوم الحكمة وحل مكانه غوغل الذي تصطحبه وسائل التواصل الاجتماعي التي تحيل الموت وتجعله فعلاًً «بورنوغرافياً» في واقع زمننا الحاضر.
سوف يتم تقسيم الجلسة الى محاور عدة بمشاركة باحثين وكتّاب هم: ماري الياس وحنان قصاب حسن وعبد الله الكفري (ٍسوريا) ومروان بزري (لبنان) وأندريا كوسومانو (المملكة المتحدة/ ايطاليا)


«الموت والمسرح»: اليوم وغداً (٤:٠٠ – ٨:٠٠ مساءً) ـــ «فضاء دواوين» (الجميزة) ـ للاستعلام: 567705/01