قدّمت قناة «المستقبل» الاثنين الماضي حلقة من برنامج «بلا حدود» الذي يصنّف ضمن «التلفزيون الواقعي» مع الممثلة والمغنية سيرين عبد النور (إعداد شربل وماغي عون وإخراج بهاء خدّاج). تناولت الحلقة زيارةًَ الفنانة مخيماتٍ للاجئين السوريين في جديتا (البقاع)، حيث قدّمت لهم بعض المساعدات العينية والغذائية ولعبت مع الأطفال هناك.
تظهر نجمة «روبي» على الشاشة. تعتقد أن الأمر سيكون نوعاً من الضجة الإعلامية بهدف الحفاظ على «ضجة» وجود الفنان داخل الحدث. لكن الحلقة التي عرضتها «المستقبل» كانت أبعد من ذلك، بسبب طبيعة الممثلة ربما وألفتها أمام الكاميرا. إنها فكرة أن تستعمل «النجم» لخدمة قضية إنسانية ما، والإضاءة على هذه القضية بكل ما للنجم من Star Power. تتصرّف صاحبة أغنية «عليك عيوني» بأريحية بالغة أثناء البرنامج. تأكل بطبيعية، وتمزح مع من حولها، وتتحدّث مع أحد المشرّدين الذي لا يعرف من هي أصلاً، وتشرح له لماذا تستعمل «الميكروفون» وتصوّره حين يرعبه الأمر، مخففةً عنه. كل هذا يُخالف «المعتاد» الذي يسعى «النجوم» في الوطن العربي إلى تصويره أمام الكاميرا. الناشط في Unhcr حيدر الصفّار يظهر في أغلب الحلقة. يتحدّث معها أثناء حديثها على الهاتف مع طفلتها، يبدو الجو حقيقياً، ليس هناك تمثيل هنا. ربما الكاميرا وحدها هي الثقيلة في هذا المكان. تحاول سيرين أن تبقى هي هي أمام الكاميرا لا تمثيل ولا تعديل، فهذا هو المطلوب في هذا النوع من البرامج. لا بد أن يظلّ البرنامج واقعياً، لأنه إذا تحوّل إلى تمثيل، يفقد سحره وجمهوره.
يعاب على البرنامج فكرة جلوس النجمة أمام الكاميرا بكامل هندامها
هنا تكمن لعبة تلفزيون الواقع وفكرته، فهو يصوّر حياةً بتجارب حقيقية. ومن هنا كان اختيار معدّي البرنامج شربل وماغي عون ناجحاً مع سيرين. فهي كانت على طبيعتها في تلك الحلقة، ولم تحاول أبداً أن تتصرّف على أساس أنّها «نجمة»، وخصوصاً متى عرفنا أن كثيرات من نجمات الواقع في العالم غالباً ما يمثلن، ما يجعل الجمهور يبتعد عن برامجهن، ويطلق جيلاً من نجوم تلفزيون الواقع هم أناسٌ عاديون بلا أيّ مواهب تمثيلية أو سواها (مثل كيم كارداشيان وسنوكي بيلوزي).
يُعاب على البرنامج شيءٌ واحد فقط هو تقليد حرفي للنسخ الأجنبية من برامج الواقع، وهي فكرة الجلوس أمام الكاميرا بكامل هندامها وأناقتها كما لو أنّها في مقابلةٍ صحافية تعطي رأيها أو نوعاً من التعليق أو الخلاصة على ما يحدث. وهنا يكمن الفارق بين برامج الواقع الغربية والمحلية. حين نحضر «نجمةً» هنا ونقابلها بهذه الطريقة، نخسر جزءاً من لمسة الواقع الخاصة بالبرنامج، فالناس معتادون رؤية هذه النجمة في هذا «البرواز» المعين. لذلك نضع المشاهد أمام إشكالية أنّ ما يشاهده هو دراما تمثيلية وليس واقعاً. وبالتأكيد، فإن هذه الطريقة كما أشرنا منسوخة كما هي من التجارب الغربية حرفياً. وكان يمكن الاستعاضة عنها بترك سيرين مثلاً تتحدث مع الكاميرا من موقع الحدث نفسه. في الإطار نفسه، يأتي الحكم المسبق لكثير من الناس على الفنانين والنجوم العرب بأنّهم بعيدون عن آلام الناس ومشاكلهم الحياتية. إذ إنّهم لا يمرون بالتجارب الحياتية نفسها ربما بسبب ثرائهم أو ظروف حياتهم المختلفة، ما يجعل هذا النوع من البرامج أو السلوكيات الإنسانية استعراضياً لا أكثر ولا أقل. تأتي تجربة سيرين مخالفة لتلك الصورة من خلال سلوكها الطبيعي البحت، فهي لم تتجمّل أو تتعامل ولو للحظة خلال الحلقة على اعتبار أنّها الممثلة والمغنية المعروفة، فضلاً عن إصرارها على القيام بسلوكيات عادية لا يقوم بها مدّعو النجومية ولن يفعلوها أبداً. باختصار، تبدو تجربة سيرين ناجحةً في هذا البرنامج، بعيدةً عن التكلّف، خفيفةً على المشاهد، ممهدة للكثير من هذا النوع من البرامج السائدة وبكثرة في الغرب.

«بلا حدود» من الخميس إلى الاثنين بعد نشرة الأخبار المسائية على قناة «المستقبل»