اعتادت المؤلفة وعازفة البيانو جويل خوري (الصورة) أن تقدم «جنونها» الفني في قالب مبدع ومثير. كل ما تتقنه خوري من موسيقى وفن وأدب، سنشاهده في العرض متعدد الوسائط «قصور النساء». المشروع الذي يستحضر مبدعات من عوالم مختلفة، يتأرجح بين الحد الأقصى للحياة والحد الأقصى للموت.

انطلاقاً من هذه الإشكالية، تدخلنا خوري في مسار حيوات مبدعاتها اللواتي إما انتحرن أو أدمنّ المخدرات أو الكحول، أو دخلن مراراً «مستشفى الأمراض العقلية». حين نستمع إلى تسجيلات لهن في القسم الثاني من العرض، تقول المغنية الفرنسية باربرا مثلاً: «لو لم أغن، لكنت حكماً مجنونة أو عاهرة أو راهبة في أحد الأديرة». فيرجينيا وولف نقلت أكثر من مرة إلى مستشفى الاضطرابات العقلية، ونقل عن المشرفين عليها أنّ حالها النفسية والعقلية كانت تتحسن أثناء تحضيرها لكتاب جديد، لكن وضعها سرعان ما يتدهور خلال فترة الانتظار بين الانتهاء من كتاب والبدء بعمل جديد. ماري بونيز وضعوها في مستشفى الأمراض العقلية. كانت ترسم على الحيط ببرازها. لاحقاً، أعطوها أقلاماً وأوراقاً، وأصبحت رسامة معروفة. وكانت هذه الطريقة التي تعالجت بها. إنّه توصيف قصر النساء، المكان الوحيد الذي كنّ فيه هؤلاء النسوة على قيد الحياة، ويعشن حياة «عادية» في عالم «طبيعي».
أمضت خوري سنتين من العمل والبحث في الأرشيف والوثائق القديمة، إضافة إلى التأليف والانتاج الموسيقي المعد لهذا العرض. كي تكتب النص الخاص بها، قرأت ما لا يقل عن 25 كتاباً ورواية عن حياة مبدعاتها. واستخدمت التقنية ذاتها في دمج وتوزيع الموسيقى، لتجمع وتصيغ نص المقطع الثاني من العرض، حيث سنسمع أصواتاً ونرى صوراً حقيقية لأم كلثوم، وداليدا، ورومي شنايدر، ومارغريت دوراس، وتحية كاريوكا، وباربرا، وفيرجينيا وولف، واديث بياف... سيتحدثن سوياً، ويقررن لاحقاً الذهاب سوياً، لكن الى أين؟ لا نعرف.
لدى النساء في العرض ميل دائم لوضع أنفسهن في شخصية أخرى عبر «ازاحة» شخصياتهن الأساسية، «مين انتي؟ أنا زوجة فلان، أو أنا ابنة فلان» تتردد هذه العبارات خلال العرض الذي يبرز كمّ المعاناة الذي مرت به هؤلاء المبدعات في مجتمع ذكوري كان يعرّف المرأة انطلاقاً من الرجل!