على أصوات الآلات، تحتفي أجساد الراقصين غداً بالمساحات المفتوحة المتبقية في بيروت. «حرب» يطلقها مهرجان CO2 بين أجساد جنود يواجهون الجيش الأسمنتي الرهيب، أمام أعين الناس. منظّمو المهرجان حسموا خيارهم. الأماكن العامة هي منصّة العروض التي سنشاهدها في بيروت وبعقلين ودير القمر وزحلة ابتداءً من الغد حتى 5 تشرين الأوّل (أكتوبر) ضمن فعاليات CO2. المهرجان الجديد ينظّمه المدير الفني لـ«مقامات» عمر راجح، وأحد مؤسّسي «ارتجال» شريف صحناوي والسينمائي اللبناني أحمد غصين، بالتعاون مع «السفارة النروجية في لبنان» ومؤسسة Performing Arts Hub ومهرجان Coda النروجيين. هكذا، يلتحق CO2 بالحركة الفنية الشابة التي لا تنفكّ تتوسع في «أندرغراوند» بيروت رغم كل شيء. تجارب لا يسعنا سوى التفاؤل بها، وإن لا تزال قيد التطوّر ومحجوبة عن الإعلام لمصلحة الفن التجاري.
والتفاؤل ضريبة للذين يصرون على التغاضي عن هذه الحركات الفالتة من خيبة المدينة بأكملها. رهان CO2 ينطلق من هنا. إنّه مزج حي بين تجربتي «بايبود» (مهرجان بيروت للرقص المعاصر)، و«ارتجال» (مهرجان الموسيقى التجريبية في لبنان). كلاهما طموح، وتخطى مراحل التأسيس الأولى وصعوباتها. وهذا بالتحديد ما شكّل دافعاً آخر لدعوة مغامرة جديدة. كل سنة، يتفادى منظمو المهرجانين المذكورين التقاء موعديهما معاً، كي لا يؤثّر أحدهما في الآخر، إلى أن قرر عمر راجح وشريف صحناوي وأحمد غصين جمعهما في توقيت واحد. خيار يعزّزه تقارب توجّه المهرجانين الفني، كما يقول عمر راجح؛ فالحدثان يحملان النفَس التجريبي الحديث، بينما تمكنّا من إرساء منصات ثابتة في بيروت خلال مرحلة زمنية واحدة («ارتجال» عام 2000، و«بايبود» عام 2004). لكن «ارتجال» انخرط أكثر في «صناعة» الموسيقى لموعده بشكل خاص. هذا تحديداً ما يسعى منظمو CO2 إليه: خلق تعاون بين الموسيقيين والراقصين، لصناعة أعمال تعرض للمرة الأولى في المهرجان. مع أن الحدث يشدّد على تأمين مساحة لصناعة العمل في بيروت، إلا «أننا لم نستطع في الدورة الأولى تأمين كل الإقامات الفنية هنا». هكذا، نسّق الفنانون إقاماتهم في الأشهر الأخيرة في بروكسل وبرشلونة وبيروت، وعملوا على ثيمات معينة، ليخرجوا بـ5 عروض. هي رحلة متوازية تتيح لعنصري الموسيقى وحركات الأجساد التطوّر واكتشاف طريقهما معاً. الفكرة الجديدة لـCO2، سيطر عليها الجوّ العام لـ«ارتجال» و«بايبود»، خصوصاً مع دعوة موسيقيين ومصممي رقص لبنانيين ونروجيين إلى الإقامة الفنية، سبق لمعظمهم أن شارك في المهرجانين.
حين تلتقي موسيقى
«ارتجال»مع الرقص
المعاصر (Bipod)
سنشاهد العروض الأولى للأعمال الخمسة ضمن CO2 الذي يؤمن دعماً لها، قبل أن تشارك العام المقبل في مهرجان Coda النروجي. «الأعمال قابلة للتطوّر في المستقبل، إذ تبقى حرية التعديل للفنانين أنفسهم» يقول عمر راجح الذي يؤكّد على طموح المهرجان في التوسع في الأعوام المقبلة، ليشمل فنانين من بلدان مختلفة.
بين فندق «سان جورج» وكورنيش المنارة، وقبو «كنيسة القديس يوسف»، والساحات العامة في بعقلين ودير القمر وزحلة، ستتنقل الأعمال التي خرج بها الفنانون من إقامتهم. أماكن تحمل رمزية مدينية بالطبع، وموقفاً واضحاً يتّخذه المهرجان من «التطوّر» العمراني المتغوّل في بيروت، إلى جانب توجه واضح يتمثل في نقل الأعمال خارج العاصمة ليشاهدها الناس مجاناً. في فندق «سان جورج»، يفتتح عرض «حوار #3» المهرجان غداً، وهو تعاون بين الكوريغرافيين النروجي هاينه أفدال واليابانية يوكيكو شينوزاكي مع الموسيقي اللبناني ربيع بعيني. أما «غرفة» للكوريغرافية اللبنانية ميا حبيس والموسيقيين اللبنانية سينتيا زافين والنروجي أويفين شكاربو، فسنشاهده في «قبو كنيسة القديس يوسف» في شارع مونو (29/9) و«المعهد الفرنسي» في دير القمر (4/10).
وفي زحلة، سنكون على موعد مع «100 خطوة تقريباً» (2/10) للكوريغراف المغربي توفيق إيزيديو مع NMO وسيقدّم أيضاً على كورنيش المنارة في بيروت (5/10). أما «نهار في المسبح» (3/10) الذي تعاونت فيه الكوريغرافية النروجية هيليه سيلجهولم مع الموسيقي اللبناني شربل الهبر، فسيقدمانه في مسبح «فندق سان جورج». الختام مع عرض «الوقت يأخذ الوقت الذي يأخذه» المميّز للكوريغرافيين اللبناني غي نادر والإسبانية ماريا كامبوس مع الموسيقي النروجي نيكلاس ساندبرغ في «المكتبة الوطنية» في بعقلين (4/10 )، وفي «مركز بيروت للفن» (5/10). إلى جانب أعمال الإقامة، يستضيف CO2 «كل أمر يخسر رعبه» (30/9) للكوريغراف الإيراني هومان شريفي وفرقة «امبيور» في «مسرح المدينة» (الحمرا ــ بيروت)، فيما يقدّم لنا أمسية موسيقية (30/9) مع Morphosis وشارلز كوهين وNMO في حانة «يوكونكون» (الجميزة)، وأخرى مع فرقة «أتوميك» الموسيقية النروجية السويدية في «مسرح المدينة» (1/10).




CO2: ابتداءً من 28 سبتمبر حتى 5 أكتوبر ــ للاستعلام:03/294901