في دورتها الثانية، كافأت «جائزة ميشال زكور» (1896) أخيراً الشاعر اللبناني هنري زغيب (الصورة) على جهد أربعين عاماً بذلها في توثيق حياة «جاره» في منطقة ذوق مكايل ضمن كتاب «الياس أبو شبكة من الذكرى الى الذاكرة» (دار درغام). في هذا العمل، حاول زغيب المسؤول عن «مركز التراث اللبناني» في «الجامعة اللبنانية الأميركية» الاجابة على سؤال يحمل عنوان فصل من أصل أربعة «ماذا يَبقى اَليوم مَن اَلياس أَبو شَبكة؟».
وثّق زغيب تجربة الشاعر الخاصة فاجتهد 40 عاماً في جمع معلومات من عشرة أبو شبكة (1903 - 1947)، كزوجته أولغا وعشيقته ليلى وأهالي ضيعته وزملائه. أحد أصدقائه يصف أبو شبكة بالوفاء رغم خيانته الجسدية والفكرية لأولغاء مع وردة وهادية وليلى. إلا أنّه لم يختر «تطليقها» والتخلّي عنها بعد حادثة موت الجنين إثر فترة من زواج أتى كأمر واقع نتيجة «خطبة» استمرت 7 سنوات ماتت فيها عواطف أولغا تدريجاً، ثم انكسر الشاعر كلياً جرّاء موت حلم الطفلة «غلواء» التي كان يُفترض أن تحيي العلاقة.

قال فيه فؤاد حبيش إنّه «اندفع في دروب حبه الجديد اندفاع يافع في الربيع الأول، ما بالى بعذول أو رقيب، ولا بزوج أو حبيب».
متابعة زغيب الممنهجة لأبو شبكة وملاحقته من الذوق الى بيروت حرصاً منه على نقل الحقيقة، لم تأخذ هذا النتاج الأدبي الى الاستقصاء، بل إلى علم الاجتماع ودراسة المحيط لأنّه لم يقم بهذا العمل وفق منهجية مكثفة.
كافأت «جائزة ميشال زكور» الشاعر اللبناني هنري زغيب بسبب توثيق حياة «جاره»
غاص في تفكيك شبكة وعلاقاته العامة بهدف الدفاع عن سيرة حياته مبيّناً مواقفه في السياسة والأدب وصولاً إلى «عصبة العشرة» التي ثارت على مقلدي الأسلوب الكتابي والأسماء.
من هؤلاء خليل تقي الدين الذي قابله زغيب في وزارة الإعلام، قائلاً بأبو شبكة بأنّه كان زاهداً، مردداً عبارته «أنا اليوم أملك لأن في جيبي ربع ليرة (...) وها إني بدأت قصيدة جديدة. فمن يكون أعظم مني على وجه الأرض».
الفقر هو الذي استنفد طاقة الشاعر، معمّقاً الشرخ بينه وبين أولغا، وليس حبه للقلم وحده. سوء الوضع المادي جعله يعتمد على التبرعات للنشر. إلا أن الذين تبرعوا له لم يشتروا الكتاب بعد الطبع، ما دفعه إلى الاسترزاق من التصحيح في الصحف والكتابة. يروي الناشر البرت الريحاني لزغيب عن إصرار أبو شبكة على «أبو» في اسمه. وفي مقابلة مع الشاعر جورج زغيب، قال إنه كان شديد التعصب لكتابة اسمه. كان يكره التلاعب بإعراب كلمة «أبو» رفعاً او نصباً. كان يرد «أبو» شبكة في جميع الحالات.