القاهرة | للمرة الثانية خلال أربعة أشهر، يتعرض الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي (1939) لسخرية واسعة من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب نشره قصيدته الجديدة «باب المجلس... قصيدة مباشرة جداً».طوال الفترة الأخيرة، اعتاد الأبنودي أن يثير الجدل حول نصوصه «الشعرية» وتصريحاته الصحافية، فالأولى اتسمت بالمباشرة وافتقادها للجماليات التي اشتهر بها صاحب «المد والجزر». نزعة بدأت تسيطر على كتاباته منذ شروعه في نشر «رباعيات» في جريدة «التحرير» قبل أن يخص صحيفة «المصري اليوم» بنشر قصائده المطولة.

أما تصريحاته، فتواصل الهجوم على «ثورة يناير» لأنها «أنتجت الخونة والعملاء» على حد قوله. ومع الاعتراف بأن الربيع العربي في أغلب البلدان فقد بوصلته الحقيقية، فإن مواقف صاحب «أحمد سماعين» تثبت أن نقده للمرحلة ليس بغرض التصويب والتصحيح بقدر ما يصب في مصلحة رافضي التغيير ومؤيدي النظام الحاكم في مصر.
هبوط المستوى الفني وانحراف بوصلة الانحياز لصاحب قصيدة «وجوه على الشط» في نصه الأحدث، قوبل بالسخرية وتدشين هاشتاغ «#توت_كأنك_الأبنودي» الذي انتشر بكثافة على مواقع التواصل، فيما علقت الناشطة والصحافية نوارة نجم على صفحتها على فايسبوك «الأبنودي يتسبب في شقانا». وكان صاحب «جوابات حراجي القط» سبق أن نشر في حزيران (يونيو) الماضي، نصاً بعنوان «من كِتَاب الثورة»، يشير إلى أن أحداث يناير «طبخة أميركية» أعدها «عُملاء وجواسيس وقبِّيضَة وشباب خاينين».
هجوم واسع
عليه بسبب قصيدته الجديدة

ويرى الكاتب الشاب حسين البدري أن الأبنودي شاعر كبير لا يختلف أحد على مدى تأثيره في المشهد الشعري المصري والعربي طوال النصف قرن الماضي. لكن انحيازاته تجاه السلطة منذ عهد مبارك أفقدته صورته التي اكتسبها بوصفه «شاعر الفقراء». ولم يكن يتوقع أحدٌ أن الشاعر الذي سجن في الستينيات بتهمة «الشيوعية» وعُرف بأنه من المثقفين القلائل المنتمين فكرياً إلى التجربة الماوية في الصين، يهاجم الثوار ويدعم السلطة بكل ما فيها من قبح، ويدبج القصائد مدحاً في جنرال استولى على السلطة وأهدر خيار «المدنية» المرفوع منذ بدء الثورة وفق ما يقول البدري. وتابع صاحب «رهانات خاسرة» لـ «الأخبار»: «يمكن للقارئ بسهولة أن يكتشف تحولات الأبنودي بمراجعة بسيطة لقصائده وتواريخها، وحاله مثل معظم أبناء جيله من المثقفين المصريين الغائبين عن كل معارك الثورة الكبرى الذين تركوا الناس نهباً للسلطة والقمع، وتحولوا من دون أن يدروا إلى ما يمكن تسميته بـ «المثقف العضوي للسلطة» بتبنيهم معظم خياراتها في العلن، وكل قرارتها في الخفاء. والمحزن أنّ الجماهير انتظرت من هؤلاء مساندتها في معركة التغيير. وكانت الطامة الكبرى انحيازهم إلى صف السلطة في وقت يتحدد فيه مصير الوطن ربما لعقود مقبلة، بعدما ظلوا يرددون على مسامعنا مقولة لينين: المثقف أكثر الناس قدرة على الخيانة، لأنه الأقدر على تبريرها».