كلّنا يذكر حين هدد حساب «النصرة المقدسية» التابع لـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام» قبل أيّام على تويتر بتصفية موظفي تويتر إثر محاولته مراراً إغلاق حسابات «داعش» التي تُستسخدم لنشر بروباغاندا التنظيم الإرهابي. كما أنّ الرقابة والتضييق اللذين يتعرّض لهما «الدولة الإسلامية» في كثير من الأحيان من قبل تويتر وفايسبوك وإنستغرام جعلاه يلجأ إلى أخرى أقل شهرة وأكثر مرونة مثل Diaspora، غير أنّ آلاف الحسابات لا تزال تعمل على نشر أفكاره وأخباره على الشبكات الذائعة الصيت وخصوصاً تويتر.
كل ذلك، يؤكد مسألة واحدة: الإرهابيون يحبّون تويتر!
يجمع العالم اليوم على قدرات «داعش» الإعلامية الواسعة واستراتيجيته الدقيقة والمعقدة على مختلف المنصّات. قدرات ترافقت مع خطة إعلامية متكاملة ومعقدة تتركز في جزء كبير منها على السوشال ميديا. رغم توسيع عمل التنظيم الافتراضي ليشمل مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، يبقى تويتر الأحب إلى قلب التنظيم.
عام 2011 مثلاً، انتقلت حركة «الشباب» الصومالية المتشددة إلى تويتر، وراحت تنشر أخبارها وأفكارها، إضافة إلى صورٍ من الخطوط الأمامية للمعارك معتمدة على اللغة الإنكليزية لتوسيع رقعة انتشارها. وفي 2013، لجأت «الشباب» إلى نشر تغريدات حيّة حول الهجوم الذي شنّه حلفاء لها على أحد مراكز التسوّق في نيروبي.

وزارة الخارجية
الأميركية شنت حملة مضادة عبر حساب Think Again Turn Away

حبّ الجماعات الإرهابية لتويتر، ينطبق أيضاً على «الدولة الإسلامية في العراق والشام». كما أن نشاط أعضاء التنظيم والآلاف من مؤيديه على الموقع المذكور فتح النقاش حول الطريقة التي يجب على إدارة تويتر والمواقع المشابهة اعتمادها حين يستبيح هؤلاء منصّاتها.
الأسئلة السهلة والفورية تبدو معدومة هنا، خصوصاً أنّ هذا النوع من الشبكات الاجتماعية وُجد لتمكين الناس من نشر أفكارهم، فضلاً عن أنّها غير مجهّزة لمراقبة هذا الكم الهائل من التغريدات والبوستات. والأهم أنّه في الولايات المتحدة تحديداً، ليس هناك إجماع على إذا ما كان استخدام تويتر لنشر البروباغاندا المتطرفة يضرّ في مصلحة البلاد وفق ما قال ألكس ألتمان في مقال نشره الخميس الماضي في مجلة الـ«تايم» الأميركية.
نقل ألتمان عن بعض المراقبين تأكيدهم أنّ تويتر سمح لحسابات المتطرفين بالتكاثر بشكل كبير وسريع. هنا، لفتت ريتا كاتز من مركز مراقبة المواقع الإلكترونية الأصولية SITE Intelligence Group إلى أنّ «مؤيدي «داعش» يسيطرون على تويتر منذ سنوات عدة، ويروّجون لأفكارهم بحرّية من دون محاولات ردع تُذكر». هكذا، صار تويتر بيئة خصبة لوجود «الدولة الإسلامية» بما يعنيه ذلك من حملات افتراضية للتعبئة والتجنيد والإرهاب.
على الضفة الأخرى، يرى الخبير في محاربة الإرهاب كلينت واتس أنّ كبح جماح «داعش» وأخواته ليس بهذه السهولة، كما أنّ هذا النشاط على السوشال ميديا يسهم في التصدي لهذه الجماعات، الأمر الذي يوافق عليه وليام ماكانتس، أحد كبار المستشارين السابقين في وزارة الخارجية الأميركية. يذكّر ماكانتس بأنّ أحد المسؤولين في الإدارة الأميركية سبق أن وصف مواقع التواصل بـ«مناجم الذهب» لجمع معلومات حول شبكات القتال الأجنبية، موضحاً أنّ وزارة الخارجية بدورها تشن حملة مضادة عبر حساب Think Again Turn Away الذي يحاول إزعاج «داعش» ووقف عمليات التجنيد التي تجريها.
من جهته، رفض المتحدث باسم تويتر التعليق على الموضوع، فيما لفت المقال إلى أنّ قوانين الموقع تحظر المواد التي تحث على العنف وكل أشكال التحرّش والاستغلال. كما أنّه يستقبل طلبات الحكومات أو المسؤولين القانونيين لإزالة أي محتويات مخالفة، مشيراً إلى أنّه في 2013 تسلّم تويتر 437 طلباً فقط من الحكومات حول العالم.
بما أنّه من الصعب إلغاء كل الحسابات المتعلقة بـ«داعش» وأخواته على تويتر، يحاول المحللون الأميركيون «استغلال» الوجود الإرهابي على السوشال ميديا لتعميق فهمهم بـ«ديناميكيات هذه الجماعات» لعلّهم يفلحون في فعل شيء على الأرض!.